أبواب

ورش القراءة

سلطان العميمي

ما الذي يحتاجه الكاتب ليكتب عملاً روائياً أو قصصياً جيداً؟

هذا السؤال يُطرح كثيراً على كُتّاب الأعمال الناجحة والنقّاد، ويبحثُ عن إجابته كثير من الصحافيين والكتّاب المبتدئين أو من لم تجد أعمالهم الأدبية النجاح الذي كانوا يأملونه.

وظهرت في الدول العربية، والخليجية على وجه الخصوص، ما يعرف باسم «ورش الكتابة»، ارتبط بعضها بمؤسسات ثقافية، وبعضها بجوائز متخصصة، وبعضها بأشخاص لديهم عدد من الأعمال الكتابية، ووجدوا أن الوقت قد حان لطرح خلاصة خبرتهم في الكتابة من خلال الورش «غير المجانية» للكتابة.

في الإمارات، توجد أكثر من ورشة عمل لكتابة الرواية، وشهدت دورات هذه الورش بعد نهايتها صدور عدد من الأعمال الكتابية لمنتسبيها، وكانت لي تجربة التعاون مع إحدى الورش لطرح تجربتي في الكتابة على منتسبيها، ووجدتُ طاقات شابة واعدة في حاجة إلى من يوجّهها ويرعاها.

• ورش الكتابة لا تستطيع أن تجعل من المنتسب إلى دورتها، قارئاً كبيراً بين يوم وليلة، أو خلال فترة الأسابيع القليلة أو الأشهر القليلة التي تستغرقها، لكنها تستطيع أن توجّهه في هذا الخصوص، وأن تدلّه ماذا يقرأ، ولمن يقرأ، وكيف يقرأ، وكم يقرأ.

إلا أن الحقيقة التي لا يمكن إنكارها أن الالتحاق بهذه الورش لا يعني أن الكاتب صار مؤهلاً لكتابة عمل أدبي ناجح، فما توفره هذه الورش هو كالآتي:

أولاً: مُحاضر أو أكثر، لديهم خبرة في الكتابة، ويطرحون تجاربهم على المنتسبين.

ثانياً: تشجيع المنتسب على البدء بمشروع عمله الأدبي، أو متابعة العمل الأدبي الذي يكتبه، ثم مراجعته وإعطاء الملاحظات عليه إن وُجِدَت قبل صدوره.

لكن هناك حلقة مفقودة في هذه العملية. تتصل بالأسس التي يرتكز عليها الكاتب في إنجاز عمله الروائي، وهذه الأسس يمكن تشبيهها بالبنية التحتية اللازمة لدخوله بصورة جيدة في عالم الكتابة الأدبية.

وتتكون هذه البنية من وجود حصيلة كبيرة لدى الكاتب من قراءة أعمال قديمة وحديثة لمختلف التجارب والمدارس الأدبية، سواء الروائية أو القصصية.

إن ورش الكتابة لا تستطيع أن تجعل من المنتسب إلى دورتها، قارئاً كبيراً بين يوم وليلة، أو خلال فترة الأسابيع القليلة أو الأشهر القليلة التي تستغرقها، لكنها تستطيع أن توجهه في هذا الخصوص، وأن تدلّه ماذا يقرأ، ولمن يقرأ، وكيف يقرأ، وكم يقرأ.

بعدها، سيعلم الكاتب أين يضع قدمه في مشواره الكتابي، وكيف يبدأ خطواته الأولى أو الثانية، وأين يمكن أن يكون موقع عمله ضمن إطار المشهد الأدبي المحلي والعربي والعالمي. بصورة أخرى ستكون لديه معرفة مبدئية بقيمة عمله وفكرته وأهميتهما وسط مئات الألوف من الأعمال الأدبية الأخرى التي أنتجتها البشرية.

لا أعني بهذا الكلام أن يقرأ الكاتب كل المنتج البشري من الروايات والقصص، أو الآلاف أو المئات منها، لكن يفترض أن يكون مطّلعاً على عدد غير قليل من تجارب الآخرين في هذا الحقل، وأن يبحث عن موضع فكرته بين أفكار أخرى سبق أن كتب فيها غيره.

ربما نكون إذاً في حاجة إلى ورشة قراءة تسبق انضمام الكاتب إلى ورشة الكتابة، وهذه الورشة يستطيع الكاتب أن يصنعها بنفسه من خلال انكبابه على قراءة تجارب أدبية مهمة وكافية لتشكيل بنية تحتية ينطلق من خلالها إلى عالم الكتابة بصورة جيدة.

buamim@gmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر