كرة قلم

أسألك الرحيلا

حسن الجسمي

مازالت تدور في مسامعي صرخة الجمهور في ذلك الملعب، في ذلك المسرح الذي كان حلماً لأي لاعب ليتباهى بين أصحابه، وإن كان يملك سيرة ذاتية حافلة، مازلت أتذكر عندما كنت أمرّ مع إخوتي بجانب هذا الصرح ونور البطولات يشع منه، مازلت أتذكر صرخات المجد التي تطلقها الجماهير للاعبين الذين يحولونها، بعد أخذ الحب والفخر منها، ويسددونها في مرمى الخصوم.

أتذكر أيضاً الملعب الذي ولد فيه الموهوب العربي، الذي أصبح هدافاً للعرب، رغم أنه لم يتعد 17 ربيعاً، وأتذكر الملعب الذي أخرج لنا زهير بخيت، الملعب الذي ولد فيه «فهد الإمارات» وناصرها وحسنها، والكثير من أساطيرها.

• مدرجاته كانت من إسمنت، لكن تفوح منها رائحة المجد، التي تفوق الكثير من الملاعب ذات الكراسي والمنصات الذهبية والسجاد الأحمر.

مدرجاته كانت من إسمنت، لكن تفوح منها رائحة المجد، التي تفوق الكثير من الملاعب ذات الكراسي والمنصات الذهبية والسجاد الأحمر لكبار الشخصيات، كان هذا الملعب لا يعتبر البروتوكول شيئاً في قاموسه الذي لا يعرف سوى الفوز، ومدرجاته كانت تجمع الطبيب والشرطي والطالب والدكتور العاشق قبل المتيم، كانت هذه المدرجات تبكي عندما يخسر الفريق، وتقف شامخة في لحظات الفوز.

حان وقت الوداع يا استاد زعبيل، حان الوقت لإعادة أوراقك من جديد، الزمن تغير، واللاعبون تغيروا، والجماهير لاتزال بحبك متيمة، ستحزن على كل طرف رمت فيه ذكرى، ودمعة وصرخة واحتفالاً، في كل لحظة دقت فيها طبول النصر، منذ قديم الزمان، حتى أصبحت تتفاخر بوجود أسطورة مارادونا بين جدرانه.

لدي يقين بأن مشاعر الحزن والسعادة في داخلهم، حزنهم شديد على فراقك، لكنهم سعداء بأنك ستعود أكثر شباباً، ستعود مسرحاً للأحلام من جديد، وطريقاً لمستقبل أكثر أصفراراً، لتكتب بداية حلم جديد، ولجيل جديد، وجماهير مجنونة عاشقة لجدرانك حتى الثمالة، ستعود أكثر أناقة، أكثر جاذبية، ستكون مغطى بحبهم قبل السقف، يفوح منك عبق الماضي العريق مع تغيرات المستقبل.

ربما هذا التجديد سيكون سبباً في عودتك إلى البطولات من جديد، وكسر النحس الذي لازمك نحو عشرة أعوام، فمسألة أننا لا نراك تبتهج ببطولة طوال هذه المدة أشبه بكابوس، أو ربما استراحة «امبراطور» اعتاد على المجد والفوز والبطولات، ليكون ذلك فصلاً جديداً من «كتاب الذهب» الذي لا يخلو من الإنجازات.

«وداعية زعبيل» حدث استثنائي، وترميم لماضٍ مبهر، وبزوغ فجر جديد في تاريخ نادٍ عرف عنه من المجد الكثير، في كل لحظة، وكل زاوية، وكل مدرج، بكل حزن مع الجماهير الوصلاوية نقول: «وداعاً استاد زعبيل، وداعاً يا استاد الوصل العريق!».

آخر كلمة:

أسألك الرحيلا

حتى يظل حبنا جميلا

حتى يكون عمره طويلا

أسألك الرحيلا

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر