أبواب

مفاجأة حفل جائزة «دبي الثقافية»

علي العامري

الإعلان عن استحداث فرع جديد في جائزة دبي الثقافية، كان مفاجأة حفل توزيع الجوائز على الفائزين في الفئات العشر، التي تتضمنها الجائزة، وتكريم لجان تحكيمها، إذ كشف الشاعر سيف المري، عن إضافة جائزة لأفضل كتاب غربي، يصدر بلغته الأصلية، ويترجم ويصدر باللغة العربية. وقد أعلن المري عن ذلك، وهو يرى ما آلت إليه صورة العرب في العالم، وما وصلت إليه من تشويش وتشويه وتحريف، ليس من الغرب وحده، بل على أيدي جماعات موغلة في التطرف الدموي، تقرأ النص الديني على هواها، وتتخذه منطلقاً لتبرير القتل والتدمير والتعذيب، دون أي اعتبار لقيمة الإنسان والحياة وأهمية الاختلاف والتعددية والتنوع.

• «دبي الثقافية» ليست مجرد مجلة، بل إنها مشروع ثقافي قابل للحياة، يكبر عاماً بعد عام، ويتجدد بأفكار تزيده فاعلية وألقاً، كما أنها تواصل إطلاق مبادراتها الثقافية، وتستكشف المواهب، وتكرّم المبدعين قبل فوات الأوان.

وإذ تتقدم جائزة دبي الثقافية، إلى أفق الحوار مع الآخر ثقافياً، فإنها تعي جوهر الفعل الثقافي في بناء جسور التفاهم والتعايش والتعاون بين البشر، الذين يتشاركون الحياة على كوكب الأرض. وكانت عبارة المري «مللنا من الساسة الغربيين» إشارة جلية، إلى النأي عن «ألاعيب» السياسة الغربية، بصفة عامة، والتلاعب بالعقول والجغرافيا والتاريخ، وإشارة إلى ما فعلته تلك السياسة في بلادنا، والأثر الذي خلفته في جسد مصائرنا، منذ مرحلة ما يسمى «الانتداب»، كما لو أننا «لم نبلغ سن الرشد»، إلى الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، إلى احتلال العقول، وتفتيت لوحة الفسيفساء التي تجمع مكونات متعددة في مجتمعاتنا.

كل هذا كان واضحاً، في العبارة المختصرة، والتي أضاف إليها المري «نسعى إلى حوار مع ثقافة الآخر المستنير»، بعيداً عن صورتنا النمطية لدى الغرب المتعدد، وبعيداً عن الصورة النمطية للغرب في أذهاننا نحن. ويأتي دور الثقافة في تأسيس حوار يقوم على المساواة أولاً، وليس بين ضحية وجلاد، أو بين متخلف ومتقدم، أو بين همجي وحضاري.

كما تؤكد كلمة رئيس تحرير مجلة «دبي الثقافية» أهمية المبادرات الثقافية بين العرب والغرب، في تعزيز القيم الإنسانية والجمالية وقيم العدالة والمساواة والاحترام وتقدير الاختلاف، و«محو» الالتباس في رسم صورة الآخر، لذلك جاء الإعلان عن جائزة للأدب الغربي بقيمة 100 ألف دولار، بمثابة خطوة في اتجاه توسيع فضاء الجائزة، لتقف في دورتها المقبلة، على عتبة العالمية، من حيث المعنى الذي تحمله، ومن حيث الهدف السامي الذي تنشده، إذ سيتم تشكيل لجنة من شخصيات أدبية عربية لوضع أسس الجائزة ومعايير اختيار الكتاب الغربي، ونشره بلغته الأصلية، وترجمته ونشره بالعربية، وتكريم مؤلفه.

وفي هذه الخطوة فعل ثقافي بامتياز، فعل على الأرض، وليس مجرد «كلام» يذروه النهار. وهو ما يؤكد أن «دبي الثقافية» ليست مجرد مجلة، بل إنها مشروع ثقافي قابل للحياة، يكبر عاماً بعد عام، ويتجدد بأفكار تزيده فاعلية وألقاً، كما أنها تواصل إطلاق مبادراتها الثقافية، بدءاً من إصدار كتابين يوزعان مجاناً مع المجلة شهرياً، وتفتح المجال لاستكشاف المواهب الشبابية في الكتابة الأدبية والمسرح والبحوث والفن التشكيلي والأفلام التسجيلية، وتلتفت إلى تكريم المبدعين في حياتهم، قبل فوات الأوان.

alialameri@gmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر