أبواب

أدباء بلا جوائز

سلطان العميمي

هل يحتاج الكاتب إلى الفوز بجائزة أو مركز متقدم في مسابقة كي يحصل على صكّ الاعتراف به كأديب مرموق؟ أو كي يجد شهرة بين القراء الذين سيتهافتون على أعماله بعدها؟

• هناك كُتّاب لهم حضورهم في المشهد الأدبي العالمي، وحصلوا على شهرة لا يستهان بها، لكنهم لم يفوزوا أيضاً بنوبل، منهم أمين معلوف وإيزابيل الليندي. في المقابل، لا تضمن الجوائز للفائزين بها رواجاً حقيقياً لأعمالهم الأدبية أو شهرة كبيرة لهم.

 لست ضد وجود المسابقات والجوائز، ولكني لست مع أن يكتب الكاتب لأجل الجوائز فقط.

 في تاريخ الأدب، نجد أن عشرات الكُتّاب الراحلين لم يحصلوا على جائزة نوبل للأدب، ومع ذلك حصدوا شهرة كبيرة على مستوى العالم، ولايزال تأثير إنتاجهم الأدبي إلى اليوم محط اهتمام النقّاد والقراء. منهم على سبيل المثال، بورخيس وتولستوي وتشيخوف ومارسيل بروست وفرجينيا وولف ويوكيو ميشيما ومحمود درويش، كما نجد أن من الكتّاب المعاصرين من حازوا شهرة كبيرة وترجمت أعمالهم إلى مختلف لغات العالم ولهم قرّاء بالملايين، منهم على سبيل المثال ميلان كونديرا وهاروكي موراكامي. وهناك كُتّاب لهم حضورهم في المشهد الأدبي العالمي، وحصلوا على شهرة لا يستهان بها، لكنهم لم يفوزوا أيضاً بنوبل، منهم أمين معلوف وإيزابيل الليندي.

في المقابل، لا تضمن الجوائز للفائزين بها رواجاً حقيقياً لأعمالهم الأدبية أو شهرة كبيرة لهم.

أقول هذا وأنا أتأمل أسماء الفائزين بنوبل للأدب خلال العقدين الماضيين. كم اسماً لا يزال حاضراً في الذاكرة؟ وكم عملاً لهذه الأسماء لايزال متداولاً بين النقاد والقراء؟

هل تعرفون سيموس هيني؟ وداريو فو؟ وفيديادر سوراجبراساد نيبول؟ وإيمري كيرتيش؟ وتوماس ترانسترومر؟

هل تعرفون شيئاً من مؤلفاتهم؟

ربما يعرفهم بعضنا، لكن قلة ممن سألتهم من القراء الذين أعرفهم أجابوا بأن هؤلاء من الفائزين بنوبل للآداب خلال العقدين الماضيين.

على الضفة الأخرى، لايزال اسم ماركيز الفائز بنوبل عام 1982 حاضراً بقوة في مشهد الأدب العالمي، وكذلك بابلو نيرودا وألبير كامو وأرنست همنجواي وويليام فوكنر وهيرمان هيسه وغيرهم، والأخير فاز بنوبل عام 1945 ولاتزال أعماله تطبع في طبعات جديدة حتى يومنا هذا.

هؤلاء الكتّاب لم يركضوا يوماً خلف الجوائز كما يفعل اليوم عدد غير قليل من الكتّاب. بل إن كاتباً مثل الفرنسي باتريك موديانو الفائز بنوبل عام 2014 قال بعد إعلامه بفوزه بالجائزة: ما أود معرفته هو الأسباب التي جعلتهم يختارونني، لا يستطيع المرء أبداً أن يكون قارئاً لكتابات نفسه، بل إن لدي انطباعاً أنني أكتب الكتاب نفسه منذ 45 عاماً.

من حق كل كاتب أن يحلم بالتقدير، لكن الكتابة لأجل الحصول على الجوائز فقط، خيانة لجوهر الأدب، وتهافت على أضواء الإعلام والشهرة، وأرقام المبيعات التجارية.

إن الكاتب الذي يقيس حجم نجاحه بعدد طبعات مؤلفاته، لا يختلف عن الكاتب الذي يعتقد أن الرواية العظيمة والمهمة تقاس بعدد أوراقها. ولو أن نجاح الكتب يقاس بعدد طبعاتها، لتبوّأت كتب الطبخ والتنجيم والتسالي مواقع متقدمة في الترتيب.

إن للنجاح الحقيقي خلطته الخاصة، بعضها يرتبط بالكاتب وعمله على تطوير موهبته، وبعضها بالزمان والمكان والظروف المحيطة به.

كما إن النجاح الحقيقي للكاتب لا يرتبط بفوزه بجائزة أيّاً كان حجمها، إضافة إلى أن فوز عمل ما بجائزة، ليس كافياً لنجاحه ورواجه وتقبل القراء له، وليس دليلاً في الوقت نفسه على جودته وتفوقه على غيره.

 buamim@gmail.com

 لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر