لحظة

ست ساعات فقط

ياسر حارب

أمامي، وأنا أكتب هذا المقال، صورتان للمنظر نفسه لبحيرة أوروفيل في كاليفورنيا: الأولى في عام 2011 تبدو البحيرة فيها مملوءة، والأشجار الكثيفة تحفها من كل جانب، والثانية في عام 2014 الماء منحسر حتى القاع، واللون الأصفر يغزو المكان. يسمي بعض المختصين ما يحدث في كاليفورنيا بـ «الجفاف العظيم» حيث تمر الولاية بأسوأ كارثة بيئية سجّلها الإنسان.

 وفي ولاية شانسي بالصين، عندما يحل المساء، تزداد حالات الاختناق بين سكان القرى والمدن، حتى إن سكان مدينة لِنْفِن، في الولاية نفسها، لا يرون شروق الشمس وغروبها، ما أدى إلى انتشار حالات الاكتئاب والإضرابات النفسية بينهم؛ فقامت الحكومة بوضع شاشات تلفاز كبيرة في الميادين الرئيسة تعرض مقاطع فيديو للشروق والغروب كل يوم! وسبب هذا التلوث المرعب هو كثرة انتشار مناجم الفحم، ومصانع الحديد، ومعامل التكرير.

وفي جزر الكاريبي ودول أميركا اللاتينية يتوقع العلماء أن تنضب مصادر الماء عندهم خلال العقود القليلة المقبلة، في حالة شبيهة ببعض مناطق الشرق الأوسط، ما يؤكد التنبؤات التي تقول إن الحرب العالمية الثالثة ستكون حرب مياه.

كل هذا بسبب تغير المناخ، ومن الأسباب الرئيسة لتغير المناخ التلوث. وفي كل عام يقتل التلوث أكثر من ثلاثة ملايين إنسان، أي أكثر مما يقتل الإيدز والإنفلونزا والملاريا مجتمعة.

كلنا نلمس ارتقاع درجات الحرارة في كل عام، حتى الشتاء صار يأتي على خجل، والأمطار عندنا صارت شحيحة جداً. يقول العلماء إن حرارة الكرة الأرضية ستستمر في الارتفاع، خصوصاً موجات الحر الخطيرة التي تضرب غالباً المناطق الباردة. حيث تزايد عددها بشكل مفاجئ؛ فبين عامي 1981 و2010 مرت على الولايات المتحدة أربع موجات حر خطيرة أدت إلى مقتل المئات من الناس. أما في عام 2030 وحده فستصيبها 10 موجات، وفي عام 2090 ستضرب الولايات المتحدة 35 موجة حر خطيرة!

وفي تقرير حديث قال باحثون إن أسوأ ارتفاع لدرجات الحرارة في نهاية القرن الجاري سيكون في الشرق الأوسط؛ إذ لن يستطيع «الشاب ذو اللياقة البدنية العالية» أن يمشي في الهواء الطلق في فصل الصيف، وسيكون الحج مستحيلاً إذا استمر تغير المناخ بالنمط الذي نشهده. وإذا انقطع التكييف عن مكان ما؛ فسيكون أمام الجالسين في ذلك المكان ست ساعات فقط قبل أن يموتوا!

يُفتتح اليوم «أسبوع أبوظبي للاستدامة» الذي تنظمه «مَصْدَر»، ويشارك فيه آلاف الخبراء والقادة في مجالات الاستدامة والطاقة النظيفة والطاقة المتجددة، وآخرون متخصصون في مشكلة تغير المناخ. وستنطلق في هذا الأسبوع قمة طاقة المستقبل، والقمة العالمية للمياه، ومعرض إعادة تدوير النفايات، وجائزة زايد لطاقة المستقبل. المجتمعون اليوم يدركون أن الأخطار البيئية ليست توقعات وتحاليل، بل كوارث قريبة لابد أن نستعد لها ونحاول تجنب وقوعها. اليوم تقدم الإمارات نموذجاً فريداً للدولة الرائدة التي تخطط من الآن للاحتفال بتصدير آخر برميل نفط.

 yasser.hareb@gmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر