٥ دقائق

ترويض الشمبانزي

الدكتور علاء جراد

«أنت الآن حيث أوصلتك أفكارك، وستكن غداً حيث تأخذك أفكارك» – مقولة خالدة قالها «جيمس ألين»، وهو كاتب بريطاني توفي عام 1912 ويعتبر رائد ما أطلق عليه لاحقاً «التنمية الذاتية»، وقد تأثر أغلبية الكتاب والمفكرين في هذا المجال به، خصوصاً د. إبراهيم الفقي. لقد تحدث الكثيرون في موضوع تهذيب النفس سواء نحو الإيجابية والعمل والنجاح أو من منظور ديني للمواظبة على الطاعات والقيام بكل ما يتوافق مع تعاليم الدين، وقد اتفق الكثيرون من هؤلاء الكتاب والمفكرين على شيء مهم وهو أن الإنسان دائماً هو نتاج ما يقوم به، وهو الوحيد الذي يمكن أن يوصل نفسه إلى الجنة أو الجحيم. دائماً هناك صوتان بداخل الإنسان، الصوت الأول يحثه على القيام بالأمور الصحيحة مثل التوقف عن التدخين، أو الاهتمام بالدراسة، أو الاستيقاظ مبكراً لصلاة الفجر، أمّا الصوت الآخر فينادي الإنسان للراحة والتكاسل، ويوهمه بأنه لايزال هناك متسع من الوقت فلمَ العجلة، وما لم ينجز اليوم قد ينجز غداً، وأن الحياة وجدت حتى نستمتع بها فلنفعل ذلك الآن.

• الإنسان دائماً هو نتاج ما يقوم به، وهو الوحيد الذي يمكن أن يوصل نفسه إلى الجنة أو الجحيم.

 أستاذ متخصص وعالم نفسي اسمه «ستيف بيترز» ساعد الكثير من أبطال الأولمبياد في حصد العديد من الميداليات الذهبية، له كتاب رائع اسمه «معضلة الشمبانزي» أوThe Chimp Paradox يقول فيه المؤلف بأن كل شيء نقوم به نابع من تفكيرنا، فالمخ مقسم إلى سبع مناطق، نتناول هنا منطقتين منها، المنطقة الأولى تخص المنطق واتخاذ قرارات عملية بعيدة عن العواطف. أمّا المنطقة الثانية فهي خاصة بالمشاعر والانطباعات ويتحكم فيها ما أطلق عليه المؤلف «الشمبانزي»، ففي داخل المخ صراع بين الإنسان والشمبانزي فالأول يرغب بالتحكم في تصرفات الشخص بطريقة متزنة تراعي جميع الأبعاد خصوصاً المرتبطة بالمستقبل، كما يهتم بعواقب القرارات والتصرفات، أمّا الشمبانزي فلا يهتم بذلك بل تحركه الدوافع الغريزية للبقاء ولا يهتم بعواقب التصرفات، حيث لا يشغل نفسه بالتحليل والتمحيص، ودائماً سريع الانفعال والغضب على الرغم من أنه قد يكون على صواب أحياناً.

 إن الصراع الأزلي هو هل يترك الإنسان زمام أموره للشمبانزي ليتحكم فيها ويرضي غروره، أم بإمكانه تغليب صوت العقل؟ فهل يمكن للإنسان أن يروض الشمبانزي الموجود برأسه؟ المفيد في هذا النموذج أنه جسد هذا الجانب من المخ بصورة ملموسة، وبالتالي يمكن للإنسان فعلاً تخيل أن هناك «شمبانزي» داخل رأسه يحثه على القيام بأمور يمكن أن تكون عواقبها وخيمة، وبالتالي على الإنسان ألا يدع زمام الأمور لهذا الشمبانزي، ويتعلم كيفية ترويضه والسيطرة عليه.

  @Alaa_Garad

 Garad@alaagarad.com

 لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر