5 دقائق

انطلاقة جديدة لخدمات الإسكان بفكر زايد

مستشار في وزارة شؤون الرئاسة

سعيد المقبالي

عندما وضع والدنا الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، نصب عينيه في ستينات وسبعينات القرن الماضي، تعزيز الأركان التي كان يرى أنها ستسهم في بناء الاتحاد وتوطيد وشائجه، انطلق من أهمية «استقرار البدو»، فوجّه جُل المشروعات العمرانية باتجاه بناء المجتمعات والأحياء السكنية للمواطنين، لجعلها مستقراً للعديد من القبائل البدوية التي كانت تتنقل في أرجاء المنطقة، فساهم استقرارها بشكل كبير في رسم خط سير بقية المشروعات التنموية المختلفة التي حققتها الدولة على مدى العقود الماضية.

وتسعى الدولة اليوم إلى الحفاظ على النجاحات الكبيرة التي تحققت ضمن السياسة الإسكانية طوال السنوات الماضية، وتتعامل لأجل ذلك مع أي تحديات اجتماعية جديدة بأهمية قصوى، فهي ملتزمة بأهمية المسكن المناسب للأسرة المواطنة، بل هذا الأمر هو جزء من السياسة الاجتماعية الثابتة للدولة، وهي ملتزمة كذلك بأهمية التجانس الاجتماعي في الأحياء السكنية، لتمكين الاستقرار بين الأسر وتلاحمها.

على الرغم من ذلك كله، ورغم صعوبة التحديات وتطورها وتغيرها، إلا أن الدولة، ممثلة بالوزارات والدوائر والهيئات والمؤسسات المعنية، لم تتراجع عن التزاماتها تجاه «الاستقرار والتلاحم الأسري»، لأنه هو المكون الأساسي للدولة.

وهيئة أبوظبي للإسكان، هذه الهيئة التي ولدت كبيرة بسياساتها ونظامها، هي إحدى المؤسسات التي تتصدى لتلك التحديات، فهي تحمل عقيدة تؤمن بأن «المسكن الملائم للمواطن» هو هدف ارتكازي لتحقيق رؤية وأولويات حكومة أبوظبي المعلنة منذ سنوات، وهي تتوافق كذلك مع سياسة وأولويات الحكومة الاتحادية المهتمة بمحوري التلاحم الأسري والتلاحم المجتمعي.

هيئة أبوظبي للإسكان مرت بمراحل مهمة قبل إعلان إنشائها، فلم يكن إنشاؤها وليد أيام أو أشهر معدودة، فقد أخذت الفكرة سنوات حتى اكتملت، ثم أخذت أشهراً طويلة لدراسة متطلبات تنفيذها، فهي لن تقوم بعمل جديد من الصفر، بل ستجمع اختصاصات مختلفة، كانت موزعة على جهات عدة بحكم الاختصاص الفني والإداري، كما أنها حُملّت أمانة كبيرة، وإرثاً فكرياً اجتماعياً ثميناً حول إسكان المواطنين، تركهما والدنا زايد، رحمه الله، وليس من السهل تجميع هذا الفكر الذي نفاجأ جميعنا كل يوم باكتشاف جزء جديد منه.

لقد سعى فريق عمل هيئة أبوظبي للإسكان، قبل إطلاقها، إلى الوقوف على كل صغيرة وكبيرة تتعلق بقضية الإسكان في إمارة أبوظبي، وكذلك ارتباطها بالدولة ككل، مسترشداً بالتوجيهات السامية من سيدي صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، بأن تحوي الهيئة كل ما يرتبط بمسألة إسكان المواطنين، تخفيفاً عنهم، ولتقليص الوقت الذي يحتاج إليه المواطن لتوفير مسكن دائم لأسرته، ومتقيداً بما يحرص عليه سيدي صاحب السمو ولي عهد أبوظبي، في أن تكون هيئة أبوظبي للإسكان ذات ثقل مؤسسي مؤثر ومتميز في العمل الحكومي بالإمارة.

ولم يشأ سيدي سمو الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان، رئيس مجلس إدارة الهيئة، أن تنطلق في عملها إلا وهي جاهزة جهوزية تامة لحمل الأمانة، والاستمرار في تطبيق الفكر الاجتماعي في الإسكان، الذي أسسه والدنا زايد، رحمه الله، وتسير عليه قيادتنا الحكيمة، وكانت توجيهات ونصائح سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، خلال المراحل الأولى، هي البوصلة لتطوير فكرة إنشاء الهيئة، وحَرِص سموه على أن تتم الاستفادة بشكل كامل من كل التجارب السابقة، وبناء نموذج جديد متفوق على كل ما سبقه.

اليوم الهيئة تقدم خدماتها للمواطنين، تحت سقف واحد، وبنظام يرتبط بكل احتياجات المواطن في مسألة الحصول على الأرض أو المسكن، وتوفير الخدمات، والحصول على القروض السكنية، وتصميم المسكن، ومتابعة بنائه وتوسعته وصيانته، وغيرها من الخدمات المرتبطة بقضية الإسكان، ما يؤكد أن الجهد الكبير الذي بُذل قبل إطلاق الهيئة، وخلال دراسة متطلبات إنشائها، وتوجيهات أصحاب السمو الشيوخ آتت النتائج المتوقعة بدقة متناهية.

لم يبقَ اليوم في شأن هذه الهيئة الجديدة إلا أن يتعرف الجمهور إليها وإلى خدماتها، ليعلم كل مواطن بسهولة الإجراءات المتعلقة باحتياجاته السكنية، فالهيئة اليوم تستقبل طلبات المواطنين من خلال قنوات عدة سهلة وميسرة.

أخيراً..

تحية لرئيس مجلس إدارة هيئة أبوظبي للإسكان، سيدي سمو الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان، على توجيهاته التي ظهرت نتائجها المبهرة مبكراً في أداء الهيئة، وتحية لسعادة الأخ سيف بدر القبيسي مدير عام الهيئة، ولمديريها التنفيذيين وموظفيها المصممين على النجاح، وعلى الاستمرار في حمل هذه الأمانة بكل إخلاص واقتدار.

saeed@uae.net

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر