٥ دقائق

الرجولة.. تحديث العقد الثاني من الألفية الثانية

خالد الكمدة

مازالت مورثات جمع كبير من الرجال في أيامنا تختزن تراكمات عقود مما تلاشى من الأفكار، واندثر من الحقائق، وانقرض من الأعراف، تطورت حياتنا بكل تفاصيلها، فما عاد طفل اليوم كطفل عقد مضى، ولا يشبه بحال من الأحوال طفل قرن مضى، وليس الرجل الرقمي كرجل ستينات الغضب، وثمانينات الرأسمالية، على الرغم من ذلك، وعلى الرغم مما أفاضته الحضارة والتطور على الرجل من أناقة مظهر، وحضارة سلوك، وانفتاح ظاهر في الفكر، يحتفظ بقناعة أكيدة أنه متى شاء، وكيفما شاء، سيحظى بـ«شيخة الحريم»، لأنه رجل.

• في التحديث الذي يحتاجه شباب اليوم عصارة فضائل الرجل المسلم المتحضر.

 

أختلف مع من يرثي لاسيما من السيدات، وفي كل مناسبة، رجال أيام الزمن الجميل، فلكل زمان رجاله، ورجال أيام زمان كانوا حتماً سيتوقون لأن يعيشوا في أيامنا هذه، إن مر عليهم شريط يعرض صور انفتاح وتمدن وتألق رجال اليوم، ولكن منهج استدامة التطور يقتضي أن تأخذ خلاصة كل شيء جيد، ويضاف عليها ما هو أجود، لا أن ننسلخ من نسخة رجولة، ونتقمص خارجياً نسخة جديدة كلياً، وفي أعماقنا تسكن ترسبات الماضي.

 عذراً عزيزي الرجل، يا من ازددت قوة وحرية ونفاذاً لكل ما تريد وتشتهي، وصارت فتيات العالم من الصين إلى المجر تنتظر رسالة من جهازك الذكي، لقد فاتك تحميل الإصدار الأخير من تحديث الرجولة، تحديث العقد الثاني من الألفية الثانية، حيث لا تنتظر «شيخة الحريم» طلبك يدها، ولا تجد أي حرج في رفضه، حيث لا ترى أنثى عادية تحظى بتعليم عادي وجمال عادي ودخل عادي فيك سبباً كافياً لتضحي بحريتها العادية، واستقلاليتها العادية، واستقرارها العادي.

في التحديث الذي يحتاجه شباب اليوم عصارة فضائل الرجل المسلم المتحضر، الذي تمسك بها وحافظ عليها أمام كل رياح التغيير، شهامة تغطي كل شيء، شعور عال جداً بالمسؤولية، مسؤولية عن كل شيء في حياة من حوله، عن نصفه الآخر، عن أطفاله، عن والديه، عن مجتمعه، مسؤولية عاطفية تربوية مادية قانونية.. شعور لا يغيبه ولا حتى يضعفه تحمل آخرين جزءاً من الأعباء والمسؤوليات، بل يذكيه ويزيده ألقاً وأهمية.

عذراً صديقي الرجل، فلست قادراً بنسختك الحالية على إقناع سيدة النساء ولا حتى جاريتها بأن تدور في فلكك صباح مساء، ولا أن تتعبد في محراب رجولتك، ليس قبل أن تكون لها صمام أمان مما لا تعرفه، ليس قبل أن تغمرها نخوتك وتبسط أمامها طريقاً مأموناً دافئاً محفوفاً بمروءتك.

 @KhaledAlKamda

 لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه

تويتر