5 دقائق

المناورة مع أعداء النجاح

مستشار في وزارة شؤون الرئاسة

سعيد المقبالي

من أكبر علامات الفشل وأوضحها على الإطلاق في سلوك الفاشلين «الانشغال بالغير»، فتراهم يهدرون أوقاتاً طويلة من يومهم في الاهتمام بمتابعة الآخرين لنقدهم وتشويه صورهم، فلا يجد الواحد منهم طوال اليوم متسعاً من الوقت للاهتمام بنفسه، وتحقيق إنجازات شخصية في سجله، ليجد نفسه وقد طاف به العمر وتدهورت صحته وتراجعت همته.

هم غريبو الأطوار فعلاً، تفاجأ بهم لا يظهرون في المشهد إلا للانتقاد المهين أو للاستهزاء بالآخرين، لمجرد أن هؤلاء الآخرين أنجزوا أمراً أو بدأوا مشروعاً، فيضعون ألف علة وعيب في أي إنجاز لا يرون فيه فائدة مباشرة لهم، ويتمادون في طغيانهم ليمارسوا التشويه المتعمد لشخص وسمعة من لا يعجبهم.

•ليس بالضرورة أن تكون مستفيداً بشكل مباشر من الشخص أو من قضيته أو مشروعه كي تؤيده وتتمنى نجاحه أو كي تتجنب محاربته، فأي مشروع مجتمعي، حتى لو لم يعجبك أنت، فإنه سيعود بالنفع على غيرك

هذا السلوك لا تنعكس آثاره السلبية على الشخص المستهدف ولا على الفاشل غريب الأطوار فقط، فهي خسارة محققة للمجتمع بأسره، خصوصاً إذا استمر الاستهداف لكل شخص لا يعجب غريبي الأطوار أولئك، فالعراقيل التي تتشكل بسبب التشويه المقصود لأي صاحب مشروع أو لأي شخص ناجح تتسبب أيضاً في تأخير تحقيق الإنجازات المجتمعية، وتؤدي إلى هدر الموارد والفرص، وتعطيل الطاقات، وبالتالي خسائر مادية ومعنوية.

إن من الأمانة الوطنية أن يكون لدى كل فرد منا وعي بأهمية أي جهد يتم بذله على أرض هذا الوطن هدفه تحقيق مكاسب مجتمعية تعود بالنفع على أي فئة من المجتمع، حتى لو كنا غير مشمولين بهذه الفئة، وعلينا ألا نكون كالذي إذا نال نصيباً من هذه المشروعات أثنى وامتدح، وإذا لم ينل شيئاً ذم وهجا، فذلك السلوك إنما ينم عن جشع وطمع وعداوة ﻷبناء الوطن، وقابلية للخيانة الوطنية.

ليس بالضرورة أن تكون مستفيداً بشكل مباشر من الشخص أو من قضيته أو مشروعه كي تؤيده وتتمنى نجاحه أو كي تتجنب محاربته، فأي مشروع مجتمعي، حتى لو لم يعجبك أنت، فإنه سيعود بالنفع على غيرك من الناس، وربما منهم أبناؤك أو أقاربك.

وفي الواقع لابد لأي مجتهد ناجح أن يواجه في حياته تجربة مع هذه الفئة من غريبي الأطوار أعداء النجاح، وربما البعض سيرى العجب منهم، بحيث لن يتمكن من تفسير أفعالهم، فمن عجائبهم أن تراهم لا يدخرون جهداً في محاربتك أو محاربة فكرتك أو مشروعك المجتمعي، وتجدهم يفتون بعدم أهمية المشروع أو عدم جدواه، وتدور الأيام، وبمشيئة الله سبحانه يجد الشخص الذي كان يحاربك أن له مصلحة أو أنه سيستفيد من مشروعك، فينقلب شخصاً آخر، يتكلم عن المشروع وكأنه هو من أسسه!

هناك قاعدة جيدة يمارسها الكثيرون لتخفيف أعداد أعداء النجاح، وهي من خلال إدخال كل عدو متوقع شريكاً في المشروع منذ بدايته، وأن لا تجعل نفسك المحور الأساس، حتى لو كنت أنت من تقوم بكل الجهد، وعند النجاح لا تسمح للأضواء بأن تتركز عليك أنت وحدك، فأجعلها تغطي شركاءك بالتساوي.

أخيراً..

العداء ضد النجاح مرض بشري مزمن لا يمكننا استئصاله تماماً، لكن نستطيع المناورة لتحاشي ظهور تداعياته، فلا يدفعكم تمادي أعداء النجاح في محاربتكم لأن تسأموا من تصرفاتهم وتتوقفوا عن تحقيق النجاحات الشخصية والمجتمعية، فهم كأشخاص سيذهبون لا محالة، والمرض سينتقل إلى غيرهم، لذا لابد أن نتقن التعامل معه كغيره من الأمراض المزمنة.

saeed@uae.net

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر