5 دقائق

متيقن أنا من نجاحكِ

خالد الكمدة

مررنا جميعنا على المقولة التي أُنتجِت في عصر التنوير قبل الحركات النسائية الأولى، وتوارثتها الأجيال وتناقلتها الثقافات «وراء كل رجل عظيم امرأة»، وأمام الأمثلة الناجحة والقصص المثبتة في هذا المجال، غابت عن الأذهان وتوارت خجلاً ربما أو تبتلاً، سير نساء عظيمات تألقن في مجتمعاتهن، لمعن كشموس في سماء أحبتهن، نساء وقفن شامخات، لأن وراء كل واحدة منهن رجلاً كان يقول على الدوام «أثق بك، ومتيقن أنا من نجاحكِ».

• نساء وقفن شامخات، لأن وراء كل واحدة منهن رجلاً كان يقول على الدوام «أثق بك، ومتيقن أنا من نجاحكِ».

لا تحتاج المرأة في زماننا هذا إلى رجل يقود مسيرتها، ولا إلى من يؤمّن مستقبلها ومستقبل أولادها، ولا من يمنحها بيتاً تكون سيدته، بدل أن تبقى في ركن من حجرة في منزل أبيها، لا تبحث المرأة عن المعيل، ولا عن السند، ولكنها تبحث... وإن سرّاً فهي تبحث... وإن لم تصارح نفسها بذلك، فهي في أعماقها تبحث... وتطلب وتحتاج، إلى رفيق درب، إلى صديق صدوق، مؤمن بها وبنجاحها وأهدافها، إلى شريك لمشروعات حياتها، إلى من يثق بها وبقدراتها كنِدٍّ قوي ومنافس أصيل، وزميل في رحلة حياة، يستلهم من قوتها صلابته، ويضيء بريق لمعانها طريقه، يكملها وتكمله، ويكتب كل منهما سطراً في قصة جميلة لا يقع بين جملها إلا الفواصل المنقوطة.

موجات متزايدة من الإضراب الطوعي عن الزواج تجتاح فتياتنا مع رياح الحضارة كحبوب الطلع، تصيبهن فيزهرن علماً، ويمنحن نجاحاً وإبداعاً، ثم تصيبهن بحساسية من الارتباط، توجس من دخول مرحلة جديدة من الحياة معطياتها غير واضحة، ونتائجها غير مضمونة، رفض للخروج من مناطقهن الآمنة التي لا يعوزهن فيها شيء، ولا دور فيها لرجل.

هذا التوجس والعزوف يبرره غياب وعي بما يخبئه الزواج من دفء داخلي يعمل كطاقة محركة لمواصلة التقدم، من شعور بالانتماء يورث رغبة في العطاء، غياب وعي لدى المرأة أوجده نقص جهد من الرجل بجمال القصة التي يمكن لهما أن يكتباها معاً، بتفرد النصوص التي سيصيغها تناغمهما وتوحد أهدافهما، بما تضيفه لكليهما شراكة ممتدة تحترم استقلاليتهما، وتعلي من ميزاتهما، وتقدر سعيهما ومثابرتهما، بعدل لا بمساواة.

لفتياتنا المفعمات طاقة وعطاء، الثابتات أقداماً، الواثقات خطاً، نقول، قد لا تحتاجين إلى من يسير معك على دربك، ويعجبك أن تضعي يدك بيد أوراق وجهاز ذكي محمول بدل أن تضعيها بيد رجل، ولكن مشروعاتك وأهدافك وإنجازاتك لابد لها أن تكون أفضل، إذا ما وقف خلفك رجل يردد «متيقن أنا من نجاحكِ».

@KhaledAlKamda

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر