مزاح.. ورماح

«فارسة الشوق»

أحمد حسن الزعبي

ظل صديقي الشاعر يعاني قلة المهتمين بشعره وندرة المعجبين بما يكتب، رغم أن قصائده جميلة جداً، وتحمل صوراً مدهشة، ومعاني رائعة، وموضوعات جديدة، لكنه لم يجد جمهوراً مشجعاً كما يجب.. قال لي مرة: كلما نزّلت قصيدة «متعوب عليها»، واعتقدت أنها ستكون علامة فارقة بشعري، لم أحصد سوى 12 «لايك» على صفحتي، منهم أشقائي الأربعة، وخطيب أختي (لزوم المجاملة)، وسائق باص القرية الذي فتح حساباً جديداً على «فيس بوك»، حتى والدي لم يَجُد عليّ بإشارة إعجاب مجانية واحدة طوال مسيرتي، إيماناً منه بأن ما أكتبه ليس شعراً.

يقول صديقي الشاعر: بينما تقوم إحداهن بكتابة عبارة «حسبي الله ونعم الوكيل» تجد ألفاً وخمسمائة إعجاب، وأكثر من مئة تعليق، كلها تقول «والنعم بالله»، الأمر الذي دعاه ـ حسب قوله ـ إلى التفكير في طريقة خبيثة لاستقطاب الإعجابات، فقام بإنشاء حساب وهمي سماه «فارسة الشوق»، ووضع صورة لفتاة ملثمة، تطل على الناس بعينين خضراوين واسعتين، وقام بعمل دعوات إلى أصدقائه أنفسهم الموجودين على صفحته الأصلية، وبعد شهر أعاد نشر قصائده التي نشرها تحت اسمه الحقيقي، فكانت المفاجأة أن أقل قصيدة وصلت إعجاباتها إلى ألفي إعجاب، وثلاثمائة تعليق، وعشرات المشاركات، والمدهش أنه تلقى دعوة للمشاركة في مهرجان من مسؤول ثقافي مهم، والمدهش الأكثر أن حضرة الوالد كتب لابنه (فارسة الشوق) إنني لم أقرأ في حياتي شعراً بهذه العذوبة وبهذا الإحساس، طالباً منه على البريد «الخاص» إخباره بأي أمسية يقيمها، حتى يحضرها بنفسه، ولو كانت في بلاد السند، حسب ما كتب الحاج.

يقول الصديق إنه أهمل صفحته الأصلية، وبدأ يصب اهتمامه على هذه الصفحة التي تزايد عدد معجبيها إلى عشرة أضعاف في غضون شهرين، ناهيك عن طلبات الزواج، والتبرع بطبع الديوان الأول. ويقول: المشكلة أنني لا أدري أين أذهب بعبوات العطور النسائية، وأقلام التخطيط، وأصابع أحمر الشفاه، التي وصلتني على البريد.. ويقول: لن أنسى فضل «غوغل» الذي جاد عليّ بصور الحسناوات من بلاد الله الواسعة، والتي كنت استخدمها بين الفترة والأخرى لتغيير «الكوفر بيج» وصورة «البروفايل»، حيث كانت تحصد تنهيدات المعجبين، عند الله علمها..

**

أمس اتصل بي الشاعر «فارسة الشوق» وهو خائف ومرتبك ومهزوز، ويفكر في إغلاق صفحته الوهمية تماماً. قال لي بالحرف الواحد: أنا في ورطة يا صديق أرجوك ساعدني..

• سألته: خير طمّني؟

• قال: والدي الحج.

• أنا: ماله؟

• هو: طلب يدي للزواج!

ahmedalzoubi@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر