5 دقائق

عقدة سندريلا

الدكتور علاء جراد

لا يُنكِر دور المرأة الحيوي والأساسي في المجتمع سوى إنسان غير سوي، حيث إنه بجانب عمل المرأة فهي تقوم بوظيفة اجتماعية محورية، وهي تربية النشء، ولكن لا ينبغي أن يقتصر دورها على هذه المهمة، فيجب أن تحصل على فرص التعليم والتدريب والعمل المناسب. يحتاج الكثير من بلداننا إلى مراعاة الأبعاد الاجتماعية في قوانين العمل، وإلزام المؤسسات بإنشاء حضانات بأسعار رمزية، حيث أصبح عمل المرأة ضرورة ملحّة وليس ترفاً، ولا تقتصر أهمية ذلك على الجانب الاقتصادي فقط، بل هناك بعد آخر يتعلق بتربية الأبناء، فقد أثبتت الدراسات أن أبناء المرأة العاملة أكثر طموحاً وأفضل في التحصيل الأكاديمي، ولكن للأسف نجد أن تربية الفتيات في الكثير من المجتمعات العربية تُزعزع ثقتها بنفسها، وتُنمّي بداخلها مخاوف كثيرة تلازمها مدى الحياة، وقد تؤدي إلى عُقد نفسية.

• أثبتت الدراسات أن أبناء المرأة العاملة أكثر طموحاً وأفضل في التحصيل الأكاديمي.

إحدى هذه العُقد قامت بتعريفها الكاتبة الأميركية، كوليت داولينج، في كتابها «عقدة سندريلا: خوف المرأة الخفي من الاستقلال»، فقد مرت هذه الباحثة بتجربة عائلية غيّرت مسار حياتها، فقامت على أثر هذه التجربة بعمل دراسة استغرقت أربع سنوات قامت فيها بإجراء مقابلات واستبيانات مع آلاف النساء من مختلف المستويات والخلفيات الاجتماعية، بداية من سيدات يجمعن الحطب في الغابة إلى سيدات مجتمع وفي مستويات قيادية، وخلصت إلى أن المرأة تشعر دائماً في قرارة نفسها بأنها غير قادرة على الإنجاز دون وجود رجل يدعمها. تقول الكاتبة إن هذا الإحساس طبيعي في حال لم يعوّق المرأة عن التقدم والإنجاز، وفي الوقت نفسه الموازنة بين الحياة العملية والحياة الأسرية.

المشكلة الحقيقية تكمن في الحالات التي تربّت فيها المرأة على أنها غير قادرة على اتخاذ قرار، وأنه لا يمكن الاعتماد عليها، وبالتالي لابد من وجود الرجل دائماً، سواء أكان الأب أو الأخ، وبالتالي قد تتأصل هذه القناعة بداخلها، أي أنها لا تستطيع القيام بعمل شيء من دون الرجل، ودائماً تنتظر الحل من الخارج، كما حدث لسندريلا عندما كانت في خضمّ أزمتها، فجاءها الحل السحري من الخارج دون أن تحاول هي عمل أي شيء. تشرح الكاتبة كيف أن عقدة سندريلا قد تتحول إلى إحساس بالدونية والعجز، وتؤدي إلى صراع نفسي داخلي لدى المرأة قد يلازمها مدى الحياة. نخلص من ذلك إلى أنه من المهم مراعاة هذا البعد في أسلوب تربية بناتنا، وفي طريقة التعامل معهن، مع مراعاة البعد الديني والثقافي، كما ينبغي زرع الثقة في نفوسهن حتى تتمتع بناتنا بصحة نفسية عالية، فالمرأة ليست فقط نصف المجتمع، بل إنها مسؤولة عن تربية النصف الآخر.

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر