بنت العاشرة

عادل محمد الراشد

في مثل هذا الوقت، قبل عشر سنوات من الآن، تلقيت عرضاً بالكتابة في صحيفة محلية يومية جديدة تستعد للصدور، فسألت محدثي: وماذا يمكن أن تضيف صحيفة يومية جديدة إلى القارئ زيادة على ما تقدمه تسع صحف يومية، منها ست تنطق العربية، وثلاث من هذه الست تتسيّد المشهد الصحافي الإماراتي؟ فكان الجواب: إنها تجربة صحافية جديدة في الإمارات، من حيث الحجم والفكرة والسياسة التحريرية. قلت: إذن هي تحدٍّ جديد على طريقة فتح أبواب جديدة للتحديات، التي أصبحت عنوان دبي في شق طريق المستقبل، فسرني أن أكون جزءاً من هذا التحدي، أشارك مع فريق عمل شاب متحفز، وواثق بقدرته على كسب التحدي في تقديم إضافة ذات قيمة إلى مسيرتنا الإعلامية، وتغيير بعض الصور النمطية للصحافة المحلية، التي فرضتها عليها البيئة المحيطة، وتسببت هي في تكريسها بسبب ركونها للضغوط واختلاقها أحياناً بلا دليل.

صدرت «الإمارات اليوم» لافتة للنظر بحجمها وصفحتها الأولى وعناوينها الرئيسة، ومقالات كتّابها، فكانت أولى الصدمات المبهجة التي جعلت الجميع، قراء وإدارات صحف، يلتفتون بحثاً عن إجابة عن تساؤلاتهم.. وماذا بعد؟ وقد تعاقبت فصول الإجابة عن السؤال: هناك مولود جديد، ولد ماشياً على قدميه، حاسباً خطواته، مستعداً للسباق، واضعاً الوطن وأهدافه وإنجازاته ورؤيته، والمواطن وطموحاته وهمومه وقضاياه في قمة اهتمامه وأساس حركته. ولأن التجربة كانت فريدة وكان الطرح جديداً، فقد واجهت العديد من الاعتراضات والتحفظات وأحياناً الهجوم، خصوصاً من مسؤولين تعودوا ألا يروا من أخبارهم وأخبار المؤسسات التي يديرونها غير الصور «البروتوكولية» والأخبار «الإيجابية»، وكذلك من بعض القراء الذين برمجهم الطرح النمطي على دفن الرؤوس في الرمال والبعد عن مواجهة النفس بعلاتها، لكن لأن الأمر كان تحدياً شريفاً كان لابد من كسب الجولات، لا على حساب المعترضين والمتحفظين، وإنما لحساب المجتمع والدولة والفرد الذي يعيش في كنفها مسؤولاً كان أو فرداً، وبفضل الاحتضان والدعم اللذين يقدمهما صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم إلى الصحافة كشريك أساسي في نهضة الدولة وتقدمها.

عشر سنوات مرت على صدور أول عدد من جريدتكم «الإمارات اليوم»، وهي في عمر المؤسسات الصحافية العريقة مجرد بدايات، تتخللها تحولات وتبدلات وتغيرات في الشكل والمضمون، إلى أن تستقر الأمور وتهدأ تقلبات النمو، فتظهر شخصية الصحيفة بشكل واضح، وتبدأ في مزاحمة «الكبار»، لتنتزع لها مقعداً بينهم. لكن هذه السنين العشر في عالمنا اليوم، الذي أصبح بحجم هاتف جوال، تبدو طويلة وكافية لأن تختصر المسافات، وتختزل المراحل، وتجعل من التحدي إنجازاً يستحق أن يضع أصحابه في قائمة الكبار. فكل عشر وأنتم والإمارات وإعلامها وصحافتها بألف خير!

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر