كرة قلم

حتى لا يصدأ «الجيل الذهبي»

حسن الجسمي

كل أسبوع تشاهد الدوري الإنجليزي، تشجع وتستمتع، وتشاهد النجوم من كل حدب وصوب، ألم تسأل نفسك لماذا حصلت فرنسا وإيطاليا وألمانيا وإسبانيا أصحاب الدوريات الخمسة الكبرى على كأس العالم في السنوات الأخيرة، ولم يحققه المنتخب الإنجليزي الذي يعد كبيرهم مادياً وفنياً، وها هو سيدخل عامه الـ50 بلا كأس العالم!

تخيلوا أن الدوري الإنجليزي دفع الموسم الماضي 3.43 مليارات يورو، في انتقالات اللاعبين، أكثر بمليار يورو عن الدوري الإسباني، دوري رونالدو وبيل وسواريز ونيمار، وخمسة أندية انجليزية أنفقت معدل الدوري الفرنسي بأكملة، كل ذلك ربما يكون معقولاً في ظل طفرة الرعاة والتسويق، ودخل المباريات نتج عنه دوري جبار وممتع اشبه بـ «فانتازيا»، لكن أين منتخبهم من كل ذلك؟

«دوري الدرجة الأولى فقد هويته بانسحاب معظم الأندية التي تعتبر مسرح الأحلام للاعبين الشاب».

بحثت كثيراً عن الأسباب، وقلت في نفسي، لماذا لا يولد منتخب إنجليزي قوي، كما هي اسبانيا وفرنسا والدوريات الكبرى، فكانت بعض النتائج مذهلة، وأهمها التي تقول إن 76% من اللاعبين المسجلين في الدوري الإنجليزي لاعبون دوليون ومن اغلب منتخبات العالم، وهذا ما يصعب من وجود اللاعب الإنجليزي، فتشيلسي وأرسنال اللذان لعبا الدرع الخيرية قبل ايام، يضمان أربعة لاعبين فقط من اصل 22 لاعباً شاركوا في المباراة، من الإنجليز، وهذا مؤشر كبير لعدم حصول اللاعب الإنجليزي على حقه في اللعب مع فرق كبيرة ومباريات قوية.

والأهم من هذا ان نسبة اللاعبين المسجلين في الدوري الإنجليزي تحت 21 سنة وصلت الى 10% فقط، فتخيلوا كم نسبة الإنجليز منهم، وكم هي نسبة لعبهم مباريات رسمية، رغم أن اغلب وجود اللاعبين الشباب اصبح شكلياً ولسد ثغرات قانونية التي تجبر وجود عدد معين من اللاعبين الإنجليز في قوائم الأندية.

اذاً لا يوجد شواغر للاعب الإنجليزي ليبرز في دوريه الأم، وأيضاً اللاعب الشاب يجلس على المدرج ليشاهد الأجانب يلعبون كرة جميلة في بلده وهو مكتوف الأيدي!

قد يحدث ذلك في دورينا لكن بطريقة أخرى، خصوصاً ان دوينا يعتبر أكبر دوري في الشرق الأوسط من حيث البذخ في انتقالات اللاعبين، حيث إن اغلب اللاعبين الأساسيين (معروفون) في الأندية لا ينتقلون لأندية اخرى الا نادراً، ولا يفسحون مكاناً للبروز والاحتكاك، بالإضافة إلى ان 45% من الأساسيين هم لاعبون اجانب، منهم دوليون تستفيد منتخباتهم من احتكاكهم وتجاربهم في دورينا، والمصيبة العظمى أن دوري الدرجة الأولى فقد هويته بانسحاب اغلب الأندية التي تعتبر مسرح الأحلام للاعبين الشاب، والذي كان سبباً في بروزهم.

صدقوني نحن أمام مأزق كبير في المستقبل القريب، والسبب أن نسبة وجود فرص اللاعبين الشباب وإثباتهم لأنفسهم امام مدرب المنتخب الوطني ستتراجع، إذ إن مدرب المنتخب اصبح لا يرى سوى لاعبين معدودين، وكل ذلك ربما ينتج عنه عقم في تجديد دماء المنتخب، وربما نعيش تحت رحمة المقولة الشهيرة «الجيل الذهبي»، ولم ندرك يوماً أن الحفاظ على الذهب يحتاج إلى تجديد وتلميع لكيلا يفقد بريقه!

Twitter: Hassan_aljassmi

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر