5 دقائق

لأنه عند الانكسارات أضعف

خالد الكمدة

مضى عامان ونيف، ولازالت أيام أحمد تمر برتابة، يكرر عند استعراض ذكرياته قبل أن يغمض عينيه كل ليلة بأن الغد سيحمل ترياقاً لقلبه، وفي الصباح يستيقظ وقد أشرقت الشمس بجرأة ملقية جام ضوئها على أحزانه تكشف له عمقها، وتذكره بأن أحلام الليل يمحوها النهار. شهور كثيرة أمضاها قافزاً بين محطة أمل وأخرى، مقنعاً نفسه بأن الزمن كفيل بعلاج جلّ الجراح، ولكن الزمن كما يبدو قد استثناه، وكلما تحسس جرح قلبه أملاً باندماله، نكأه.

«قلب الرجل ساحة وغى إذا ما تعلق الأمر بالعمل والحياة، وإذا ما ارتبط بمشاعر عميقة بات كقرح وريدي».

قلب الرجل ساحة وغى إذا ما تعلق الأمر بالعمل والحياة، وإذا ما ارتبط بمشاعر عميقة بات كقرح وريدي لا يلبث أن ينزف كلما مر به طيف أو لامسه خيال.

لأن إخلاصه يعني عقداً على بياض يمنح المرأة صلاحيات مفتوحة، لأن صدق مشاعره يمنعها من أن تتكرر، ولأنه عند انكسار قلبه أضعف.. يحتاج الرجل منا لالتفاتة، تستحق مشاعر الشاب اهتماماً، وجدير هو ببعض العناية من المجتمع والأسرة والمرأة بقلبه.

سهلة هي النصائح ومجانية، نقدمها لشاب لامس الإخلاص قلبه، «اتركها وسنخطب لك شيخة البنات»، بسيطة بمنظور المجتمع، فكل النساء سواسية إذا ما أطفئت الأنوار، ولكن ليس لقلب صادق.

لا يتطلب رد شاب جمع من صفات الرجولة جوهرها، ومن الأخلاق أعذبها، ومن المشاعر أصدقها، إلا كلمة «ليس هناك نصيب»، يلقي بها أب أو أم أو فتاة نزقة، تقع كخنجر في خاصرة الرجولة، وكرمح مسموم تصيب موضع الصدق في قلبه.

لا يلقي كثيرون منا بالاً لهذه الجزئية الصغيرة جداً في حياتنا اليومية، نعتقد أن رفض الشاب في وظيفة عمل، أو إخفاقه في إتمام صفقة، أو عدم قدرته على سداد دين، هي إخفاقاته الأصعب وانكساراته الكبرى، والأمر غير صحيح. حتى وإن بدا الرجل كائنا قوياً متماسكاً إلا أنه لم يكتمل إلا بحواء، ما يعني أنه يمكن أن يؤتى منها. ومع أنه أخذ من التراب خشونته وعنفه إلا أنه أخذ منه أيضاً رفقه ولينه، وإذا ما أسدل عليه ثوب الصلابة والصرامة فقد غطى به فطرة نقية تركن إلى مودة صادقة وعهد أمين.

حبذا لو نلقي بالاً، أولياء أمور كنا أو أصدقاء أو أصحاب قرار، للانكسارات غير المروية في حياة الشاب، لما يخلخل ثقته بنفسه، ويضعفه عن خوض جولاته الأصعب، ليتنا نمنح تلك النخبة من الشباب ممن أدرك من نجاحات العلم والعمل قدراً، ورزق من دماثة الأخلاق نصيباً، أماناً اجتماعياً لقلوبهم وأرواحهم، اعترافاً بجميل مشاعرهم وصدق مودتهم، أن نحمي قلوبهم من الخدوش والجروح، لأن شفاءها أصعب.

@KhaledAlKamda

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر