5 دقائق

ساعة وساعة

خالد الكمدة

«بعد عام دراسي طويل وشاق ستأتي أخيراً الإجازة، متأخرة وقصيرة، ولكنها تصافح رمضان، لا بأس ببعض الأيام نقضيها في امتحاناتنا النهائية، سنستمتع بالراحة والنوم والأكل والزيارات، أسابيع نصبح فيها كالخفافيش، ننام فجراً ونستيقظ عصراً...»، غرّد سهيل لمتابعيه وأصدقائه.

تغريدات سهيل السابقة واللاحقة كانت تتعلق باستعداداته للامتحانات ونصائحه لزملائه الأقل تفوقاً، سهيل شاب مميز ومتألق، ناجح في دراسته وحياته، ذكي ونشيط ومحبوب، ولكن بغير هدف وبلا قضية.

«غياب الهدف وانعدام الانتماء إلى قضايا المجتمع خطر خفي على الشباب».

غياب الهدف وانعدام الانتماء إلى قضايا المجتمع خطر خفي على الشباب كسائر الأخطار التي نبحثها ونناقشها، ولكن لا باحث له. تحول الشباب تدريجياً إلى روبوتات من لحم ودم، يعيشون كما رسم لهم، ينفذون ما طلب منهم ويغفلون عما سواه، تضيع مفردات كالمبادرة والتطوع من قواميسهم، وإن هم صادفوها، فلأنها وضعت لهم ضمن قائمة متطلبات أو لأنها وسيلة لإكمال مهمة، وإذا ما خلوا إلى أوقات فراغهم أو اكتملت مهماتهم في قائمة الدراسة والأصدقاء والوظيفة، صاروا ضحية سهلة لغزو أي فكرة سائدة أو أي مشروع نجح أصحابه في ترويجه، وفاجؤوك بجهل مخيف عن ما يراد لهم من أدوار وما يعول عليهم من الأمور.

أن ترتبط مهام الشباب، صغيرها وكبيرها، بأهدافهم وقضايا مجتمعهم هو ما يمنحها المعنى الحقيقي وما يجعل لاكتمالها أو نجاحها فائدة، إنهاء الدراسة لأن الحصول على الشهادة يتيح لك عملاً أفضل، يجعل الإجازة فرصة للراحة ورخصة من المسؤوليات، ولكن أن تدرس لتبني مجتمعك، لتقدم نموذجاً ناصعاً عن وطنك يجعل إجازة الصيف فرصة لاستثمار العلم والتزود بالمهارات والتطوع بالجهد والخبرات.

في شهر رمضان فرصة، اعتبرها إن شئت، أو اعتبرها هدية لك مغلفة بورق رسم عليه الهلال والفانوس، وبداخلها ساعات طوال وصفاء ذهن يمنحه الصيام وعروض مغرية لفعل الخيرات، فكيف ستستثمر هديتك وماذا ستمنح منها للآخرين؟

ساعة وساعة فلتجعل صيفك، ساعة لمعاشك؛ خطط لمستقبلك، طور مهاراتك، استمتع بهواياتك، حسن لياقتك.. وساعة لمعادك؛ شارك والديك في حمل مسؤولية لم يوكلاها لك، زر كبار السن في حيّك واقضِ بعض حوائجهم حتى لا يحتاجوا إلى الخروج في الحر، صمم حملة للترويج لخدمة مجتمعية أو شارك في حملة صممها آخرون، عبر عن انتمائك لمن حولك، واختر أن تكون جزءاً من قضية إنسانية سامية، لا أن تكون «خفاشاً».

KhaledAlamda@

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر