5 دقائق

أنفق واحدة.. واربح العشرات

خالد الكمدة

على قدم وساق، تستعد المحافل العامة ومراكز التسوق لاستقبال الشهر الفضيل، مازالت أيام وليالٍ تفصلنا عن موسم الزهد والطاعة، غير أن المنصات امتلأت بالعروض وطوابير المستهلكين طالت وتطول نهاراً بعد ليل وسبتاً بعد جمعة. لابد أن إدارات التسويق تستعد شهوراً طويلة لهذا الموسم المهم، وتتنافس في تصميم مطبوعات مغرية وأكشاك لافتة تستقطب الزوّار قبل المقيمين، ومن لا يعرفون الشهر قبل من يصومونه، ولابد أن حسابات المبيعات تحدث قفزاتها الأعلى في احتفال الامتناع عن الطعام، ولكن ماذا عن حسابات الإصلاح، وقفزات الحكمة، وطوابير المعرفة، وأكشاك الهوية؟

شيء واحد مازالت مراكز التسوق تغفل عنه، ولاتزال تتجاهله إغراقاً لروادها في منظومة استهلاكية بحتة، تلبي كل شيء، إلا حماية روح الشهر وروحانيته.

لا جهد يبذله أي منا للحصول على احتياجات منزله، وتتدفق البضائع لأيدي الزوار حتى إن لم يطلبوها. ولفعل الخير أيضاً لا تحتاج إلى كثير من جهد، بطاقات منتشرة تصلك بالصائم الذي تريد إفطاره أو بصدقة تسعد لبذلها، كل شيء متاح لراحتك ليكون شهرك تجربة ممتعة وسهلة، إلا شيئاً واحداً.

شيء واحد مازالت مراكز التسوق تغفل عنه، لاتزال تتجاهله إغراقاً لروادها في منظومة استهلاكية بحتة، تلبي كل شيء، إلا حماية روح الشهر وروحانيته.

دور كبير وجلل ما نتطلع إليه من القائمين على المحافل العامة ومراكز التسوق، دور يبرهن على انتمائهم الحقيقي للمجتمع وأفراده وثقافته، دور ريادي ومبادرة فاضلة تلتفت إلى روح الشهر وتحفل بمقاصده، خطوة في اتجاه إبراز جمال ثقافتنا وتقاليدنا تتخذ شهر العبادة نقطة انطلاق، وتستمر معه وبعده في تأصيل عاداتنا واستقطاب الإعجاب بها والانتماء إليها من مقيم وزائر.

حبذا لو وجدنا عروضاً تروج لقيم الشهر وخصوصية تعالميه، لو أنفقت مراكز التسوق بعض الجهد والوقت للتسويق لما ينفع المجتمع، لما يحفظ له جميل ثقافته ورصين موروثه، حبذا لو أطلقت مبادرة واحدة لأجل لذلك وربحت بعدها الثناء والشكر والإقبال و... و...

بحكمة وبقول حسن نرغب في أن يكون استقبالنا في مراكز التسوق، قبل أن نصل إلى منصات البضائع وأكشاك الصدقات، برشاقة وفطنة وبراعة، نود أن نستمع من شباب وشابات الوطن ممن فضلوا استثمار إجازاتهم الصيفية لمنفعة الوطن، قصصاً عن ثقافتنا وهويتنا، عن حبنا للآخرين وترحيبنا بهم، وتقديسنا في الوقت ذاته لقيمنا وحرصنا على ألا تمس ولا تنتهك، وأن يطلعوا الزائر والمقيم وابن الديار، شفهياً وبمطبوعات مصورة أنيقة كيف نحتفي جميعاً بروح الشهر التي تلخص ما تطمئن له الفطرة، وتسكن إليه الأفئدة.

@KhaledAlKamda

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر