5 دقائق

كن قدوة.. يقتدوا بك

خالد الكمدة

لو انشغل الكثيرون بمعالجة نواقصهم وتصحيح عيوبهم، لما وجدوا وقتاً للنظر في مثالب الآخرين، لكننا دوماً نرى الأخطاء أوضح إذا ما كانت بعيدة عن ضفتنا، بعيدة عن بيوتنا وأبنائنا أو أنفسنا، ومرايانا غالباً عمياء، ليس فقط عن عيوبنا بل أيضاً عن مكامن قوتنا وقدراتنا. إذا ما نظرنا بموضوعية أكبر وحيادية أكثر لما هو جميل بيننا وما هو بحاجة لإصلاح، فسيكون التميز رفيقنا بلا جدال، وسنكون قدوة بغير شك. إذا ما قررنا أن نبدأ وعظ الناس بأفعالنا لا بأقوالنا، فستصل العظة بسلاسة وستحقق غايتها بلا معوقات.

ننتقد غياب احترام آخرين لموروثنا الثقافي في إعلاء قيمة جسد الإنسان وحفظها بالستر، ونحن لم نشرح لهم ذلك.

الجمع بين الأفضل من كل شيء كان دوماً هدفنا، ولهذا نبني قوالبنا المتقنة من رمال صحرائنا وأصداف شواطئنا لنضع فيها بعناية صفوة ما توصلت إليه الحضارات، نعتمدها ونطورها.. بأسلوبنا، بلغتنا وبهويتنا.. وبفخر وثقة.

ولأننا برعنا في ذلك، كانت عقود قليلة كفيلة بأن يصبح وطننا نجماً ترنو إليه أنظار العالم، ويضعه الصغير والكبير على قائمة «الأماكن التي أرغب في زيارتها»، ويتشوق لذلك، ولأننا ترجمنا في ترحابنا واحترامنا للآخر فضائل العرب في حسن الضيافة وكرم الاستقبال، صرنا نموذجاً عالمياً لمجتمع تتماهى فيه الثقافات وتتلاقى فيه الحضارات.

أن نصبح قدوة ونموذجاً في الاحتشام والوقار ونقدم ذلك عبر نماذج مشرقة من شابات وشباب الوطن، ضرورة نغفل عنها ولا نلتفت إليها، ننتقد غياب احترام آخرين لموروثنا الثقافي في إعلاء قيمة جسد الإنسان وحفظها بالستر، ونحن لم نشرح لهم ذلك، لم نقدم لهم معرفة تكفي لفهم الاختلاف ومنع الخلاف، لم نبرز جمال جيل الشباب الإماراتي المثقف، المتحضر، المنفتح، الملتزم بثقافته والفخور بحشمته.

قبل أن نشعر بخيبة الأمل ونحن نرى صوراً دخيلة أو مشاهد غريبة في مرافقنا العامة أو مراكز التسوق، فلنتساءل: كم مرة أخبرنا فيها أصحاب تلك الصور عن تقاليدنا التي منحت جمالاً أكبر للحضارة؟ كم مرة بادرنا أفراداً أو مؤسسات لشرح قيمنا التي يجهلها الآخرون بطريقة تعكس تألق وروعة تلك القيم؟ كم مرة رأيت شاباً بكندورة أنيقة وغترة مرتبة يتحدث لغة متقنة وبمفردات منتقاة بعناية لمن جاءت من وراء البحار كيف تتزين المرأة في بلادنا باحتشامها؟

يسعدنا أن يكتسي شبابنا ثوب الحضارة، وأن يواكبوا أحدث صيحاتها، لكن واضعين لأنفسهم حدوداً تترجم روح القيم وتفخر بتقاليده، ويسعدنا أكثر أن نراهم نماذج يقتدى بها، تسير في المحافل تعظ الآخرين بأفعالها لا بأقوالها، ونشرح لهم قيمنا برقي وتمدن نحن أهله وأولى به.

KhaledAlKamda@

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر