مزاح.. ورماح
شارلوت ستايل!
لم يمضِ من عمر الأميرة البريطانية الصغيرة شارلوت سوى أيام قليلة حتى اشتغلت الآلات الحاسبة، وفتحت أدراج «الكاش مشين»، وبدأ تجار «البزنس» يفكرون من زوايا عدة كيف سيحولون مولد الأميرة من حدث سياسي إلى «حديث أرقام»، وكيف يعتبرون كل مرحلة من مراحل النمو الطبيعي للطفلة مرحلة من مراحل النمو الطبيعي للأرباح الطفرة، وكل عملية «تمشيط» شعر.. يجب أن يقابلها عملية «تنشيط» سِعر، وهكذا.
خبير بريطاني في تجارة التجزئة قال إن السنة الأولى من عمر الأميرة «شارلوت» ستضخ ما يقارب 150 مليون جنيه إسترليني في عالم الموضة والملابس والمكياج وجهازات البيبي، إذ ستدور عجلة الاقتصاد حول «شارلوت ستايل».. وفي كل سنة من عمر الأميرة سيتحرك الرقم نفسه أو يزيد، ما يعني أنه عند بلوغ الأميرة سن العاشرة من العمر تكون قد حرّكت نحو مليار جنيه إسترليني في السوق.
بالمناسبة حدث معي الشيء نفسه عندما ولدت في منتصف سبعينات القرن الماضي، فقد حرّكت السوق بنحو غير مسبوق، ما أدى إلى إغلاق أكثر من نصف محال «البيبي» بسبب الأرباح الطائلة، فور ولادتي كنت الوريث السادس لــ«اللفاع» العائلي الذي تناوب عليه خمسة أشقّاء قبلي، كان اللفاع مثل الموقف العربي الموحد لا لون له.. لكثرة الغسيل والاستعمال والتبديل، لكنه أقرب إلى الأبيض، ثم «دُحشت» في سرير خشبي هزّاز.. له رجل أطول من الأخرى مثل «القراصنة»، ويحدث صوتاً غير متناغم، فهو أقرب إلى العربة العسكرية منه إلى السرير الهزّاز، أعتقد أن فقرات ظهري التي تكوّمت أسفل العصعص كانت نتيجة الخضّ الجائر آنذاك.
بعد شهر واحد من ولادتي ارتديت «تنّورة» بناتية بطيخية اللون كانت قد وهبتها إحدى الجارات لأمي بعد أن «أسقطت» جنينها في الشهر السادس من «الحمل» وكانت أنثى.. وبقيت أرتديها حتى الشهر التاسع، حيث قُصّ بنطال أخي الذي يكبرني بسبع سنوات حتى الركبة، واختصر الخصر إلى النصف فأصبح بقدرة قادر بنطالاً «لحديثي الولادة»، صحيح أن جيبه الأيسر كان بمنتصف صدري، لكنه كان بنطالاً جميلاً.
بعد السنة الأولى تم شراء صفقة بناطيل قدرت بثلاثة بناطيل «ستريتش»، كان خصرها من المطاط.. ولها قطعة حديد مربعة الشكل في الأمام تشبه حزام الأمان، حتى اللحظة لا أعرف ما هو استخدامها الأصلي.. المرحلة ما بين السنة الثانية ولغاية سن البلوغ ونبوت الشوارب بشكل متفرق أسفل الأنف وأنا أتوارث البنطال خلف البنطال والقميص خلف القميص والفانيلا خلف الفانيلا من الأشقاء، صحيح أن بعضها كان بحاجة إلى صيانة عاجلة، سحّاب أو زر أو «تغيير قبّة»، لكنها تبقى دعمة نوعية تماماً كالأسلحة المهداة من الغرب إلى العرب.. ولا أخفيكم أني كنت أفرح أيما فرح عندما يطول أخ أو يسمن آخر بشكل مفاجئ، لا لأنه صار رجلاً أو أنه يتمتع بصحة جيدة فحسب، بل لتؤول إليّ بناطيله القصيرة و«بلايزه» الضيقة عن طيب خاطر.
ahmedalzoubi@hotmail.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .