5 دقائق

بطاقة حرية

خالد الكمدة

ليس قفصاً ذهبياً كما يزعمون، بل بوابة نحو التحرر، نحو كسر كل القيود الفعلية والافتراضية في منزل العائلة، لا مسؤوليات ولا واجبات، فرح ومرح ولعب وتسلية، مدخل لمملكة تأمر فيها المكلة فتطاع، ولا تؤمر، مقدمة لكسر الحدود وإلغاء مفردة «عيب»، ليس الزواج إلا بطاقة حرية، هكذا تراه كثيرات.

كأنما كنّ سجينات بحكم مؤبد وأطلقن على حين فرح، كأن الرباط المقدس طوق نجاة لهن من المسؤوليات والواجبات، وبوابة للعبور إلى دنيا جديدة يحطمن فيها قيوداً وهمية، وينعمن بحرية شائكة الزوايا، مقفرة اللباب.

«المرأة نصف المجتمع، الأم مدرسة، وراء كل عظيم امرأة، ليست كل هذه المناصب فخرية، ولا تمنح مجاناً لكل من ولدت أنثى».

تطوف الجامعات والمؤسسات، أو تمر بمراكز التسوق، يسعدك تألق نصف المجتمع الألطف، يبهرك ذكاؤهن، ويسعدك التفافهن حول العلم، تتوقع أن ترى في البيوت إدارة ناجحة، وللأسر خططاً واضحة، تتوقع أن ترى بعد عقدين جيلاً متفوقاً تربى على أيديهن، وترتطم توقعاتك بواقع هش عند أول اختبار.

«المرأة نصف المجتمع»، «الأم مدرسة»، «وراء كل عظيم امرأة»، ليست كل هذه المناصب فخرية، ولا تمنح مجاناً لكل من ولدت أنثى، وإحراز الفتاة لأي منها ليس مفتاحه حفل زفاف مهيباً، ولا خاتم زواج بألوف الدراهم، لأن الوصول إلى النتائج يتطلب مقدمات، ولأن نيل المطالب لا يكون بالتمني.

فقط عندما تمسك إحدى هذه الأميرات مقاليد الأسرة، وفور أن تتسلم مفاتيح حياة من أسهب في بناء أحلامه عنها ومعها، تعلن الاستسلام، تحن إلى دور الطفلة في بيت أهلها، وتصدح برفضها أن تكون أي شيء غير أنثى مدللة، تُصدم بما لم تعلمه عن واجباتها ومسؤولياتها وعن الأدوار العظيمة والجليلة التي يتوقعها منها الفارس المغبون، ويأمله منها المجتمع، تُحبط إذا ما علمت أنها الركيزة الأولى لبناء الأسرة، وأنها منبع السكينة ورحمة السكن.

يعجبنا تطوركن وتألقكن في العمل والمحافل، لكن حاجتنا أكبر لنساء يتقنّ أدوارهن كزوجات، يعرفن ما هن مقبلات عليه عند تأسيس أسرة، يضعن الخطط لبنائها وحمايتها، يقتبسن من رغد الحضارة والتمدن ما يعزز من متانة الرابط الأسري ويضمن له نجاحاً أكبر وأجمل. تبهجنا ثقافتكن، لكننا نحتاج إلى وعي وثقافة وتمسك بدوركن الفطري الأول والأرقى، سيدات لبيوتنا، قائدات لأسرنا، حاميات لاستقرارها.

ليس الزواج اتفاقية مع المرح، ليس تذكرة للعب دور في حكاية شاعرية أو قصة خيالية، الزواج رباط مقدس، ميثاق غليظ، يتطلب أنوثتكِ وحبكِ وأكثر من ذلك كله.. رشدكِ.

KhaledAlKamda@

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

 

تويتر