كل يوم

بفضل حمدان والمتبرعين..

سامي الريامي

في منطقة القرهود هناك مبنى ضخم (قيد الإنشاء)، عادت الرافعات وأيدي العمال تعمل به من جديد، وذلك بعد أن تعثر العمل فيه مرتين، وتوقف سنوات عدة، واليوم كل من يمر إلى جوار مشروع مركز دبي للتوحد الجديد تلفت أنظاره ضخامة المبنى والتصميم اللافت، الذي يعد فريداً من نوعه في المنطقة.

«بفضل حمدان والمتبرعين ستهون مشكلات، وتزول معاناة يومية لا يعرف حجمها إلا أهالي الأطفال المتوحدين».

لم تكن الحياة ستدّب من جديد في هذا المبنى ذي الأربعة طوابق، ولم يكن الأمل والتفاؤل والبسمة ستعود من جديد إلى أولياء أمور أطفال التوحد، ولم تكن الرعاية والاهتمام سيتضاعفان لهذه الفئة من الأطفال، التي تجلس أعداد كبيرة منها في المنازل، بسبب عدم وجود أماكن تعليمية وتدريبية لهم من جهة، ولارتفاع التكاليف بصورة باهظة في المراكز الأخرى القليلة من جهة أخرى، لم يكن كل ذلك ليحدث لولا دعم وتبّرع أهل الخير من رجال أعمال، ودوائر محلية، ومواطنين، بسخاء وكرم ومسؤولية تعجز الكلمات عن وصفها، سجلوا بها واحدة من أروع وأنجح «الهبّات» الاجتماعية، حين تجاوبوا وتفاعلوا بقناعة ورغبة مع الحملة التي أطلقتها «الإمارات اليوم» لاستكمال المبنى المتوقف، ونجم عنها جمع نحو 27 مليون درهم.

كل الشكر والتقدير لهم، لكن كان المبنى سيظل متوقفاً فترة أخرى، لعدم اكتمال كامل المبلغ، لكنْ هناك دائماً أناسٌ تُفرّج على أيديهم الكُرب، أناسٌ يُرِسلُ عن طريقهم رب العباد رحمته وعطفه إلى الضعفاء والمحتاجين، من هؤلاء، بل هو أبرزهم، سمو الشيخ حمدان بن محمد آل مكتوم، الذي فاجأ إدارة المركز، والأهالي والأطفال، بتبرعه بمبلغ جائزة كأس دبي العالمي للخيول، البالغة ستة ملايين دولار، دون أن يطلب منه أحد ذلك، ودون أن يعرف بوجود عجزٍ في المبلغ المخصص لاستكمال المبنى، هو الحدسُ، وهو تدبير رب البشر، جاء في وقتِ يأس اعتقدت فيه الإدارة وأهالي الأطفال أن أمل استكمال المبنى قد انتهى، لكنه حمدان بن محمد يظهر ليُفرج هماً كان يجثم على جميع من في المركز، وخارج المركز من أُسر وأطفال، ويفتح لهم بوارق الأمل، بعد أن كاد اليأس يحطمهم مرة أخرى.

بفضل حمدان وجميع المتبرعين، تغيّرت أحوال وأحوال، وستتحول الفيلا الصغيرة التي كانت لا تتسع إلا لـ52 طفلاً إلى مركز عالمي مميز بكل معاني الكلمة، هو الأضخم والأفضل في منطقة الشرق الأوسط بأسرها، وبفضل حمدان والمتبرعين سيستوعب المركز الجديد 204 أطفال، من عمر عامين إلى 18 عاماً، وبفضل حمدان والمتبرعين لن يبقى أي طفل من أطفال التوحد في قائمة الانتظار ــ التي كانت مليئة بـ52 طفلاً لا مكان لهم ــ جالساً في منزله، وبفضل حمدان والمتبرعين سيجد هؤلاء الأطفال الرعاية والأماكن التدريبية والتأهيلية المزودة بمعدات حديثة، وسيبدأون أولى خطواتهم الحقيقية نحو العلاج والتأهيل.

وبفضل حمدان والمتبرعين أصبح هناك وقف خيري عبارة مبنى «تجاري» تابع للمركز، يعود على المتبرعين بالأجر الثابت، ويدر على المركز دخلاً شهرياً، تستطيع به الإدارة استقطاب خبرات ومعلمين متخصصين في هذا المرض بشكلٍ مريح، بعد أن كان توفير الراتب الشهري معاناة شهرية يمر بها مدير المركز، لعدم وجود مخصصات مالية منتظمة.

بفضل حمدان والمتبرعين ستهون مشكلات، وتزول معاناة يومية لا يعرف حجمها إلا أهالي الأطفال المتوحدين، فباسمهم واسم الأطفال وإدارة المركز نقدم الشكر الجزيل والتقدير الفائق لحمدان والمتبرعين على كل درهم قدموه، ونبشرهم بأن أموالهم لن تذهب سدى، ومن يرد أن يشاهد تكاتف أهل الإمارات وكرمهم فما عليه سوى المرور لمشاهدة هذا المبنى في القرهود.

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر