أبواب

سفراء الثقافتين

علي العامري

مبدعون عرب مهاجرون أو مُهجّرون وجدوا في البلدان الجديدة التي لجأوا إليها بيئة حاضنة ومشجعة لإبداعاتهم وحرياتهم وحياتهم، بعدما عانوا كون بلدانهم طاردة للمبدعين والعلماء. وتُعد إسبانيا من بين تلك البلدان التي رحبت بالضيوف الجدد، ليغدوا بعد سنوات قليلة من أهل الدار، ويصبح جواز السفر الجديد سيرة مفتوحة للترحال في دول العالم من دون قيود.

يُعد المثقفون العرب في إسبانيا سفراء للثقافتين العربية واللاتينية، يمثلون أنموذجاً في التفاعل مع مجتمعهم الجديد، ولم يركنوا إلى العزلة أو الصمت أو التذمر، بل إنهم اختلطوا بالمثقفين الإسبان، وأصبحوا يسهمون فعلياً في الحركة الثقافية، ولهم دور بارز في الحوار الثقافي العربي الإسباني.


مبدعون عرب مهاجرون أو مُهجّرون وجدوا في البلدان الجديدة التي لجأوا إليها بيئة حاضنة ومشجعة لإبداعاتهم وحرياتهم وحياتهم، بعدما عانوا كون بلدانهم طاردة للمبدعين والعلماء.

ويُعد المثقفون العرب في إسبانيا سفراء للثقافتين العربية واللاتينية، يمثلون أنموذجاً في التفاعل مع مجتمعهم الجديد، ولم يركنوا إلى العزلة أو الصمت أو التذمر، بل إنهم اختلطوا بالمثقفين الإسبان، وأصبحوا يسهمون فعلياً في الحركة الثقافية، ولهم دور بارز في الحوار الثقافي العربي الإسباني، عبر مشاركاتهم في المهرجانات والمنتديات والملتقيات الأدبية في العاصمة مدريد ومدن غرناطة وطليطلة وقرطبة وبرشلونة وبلنسية وغيرها. كما أن ترجماتهم من الإسبانية إلى العربية، وكذلك من العربية إلى الإسبانية لها دور فاعل في هذا الحوار، وفي معرفة الآخر من خلال الشعر والقصة والرواية، علاوة على الندوات التي تتناول التاريخ العربي في الأندلس الآداب والفنون خلال الفترة من 711 حتى 1492 ميلادي، علاوة على التواصل الثقافي في المراحل اللاحقة.

ومن بين المبدعين الفاعلين في الساحة الثقافية الإسبانية، الأدباء والمترجمون العرب، صالح علماني ومحمود صبح وطلعت شاهين ومحسن الرملي وعبدالهادي سعدون وأحمد يماني وعدنان الأيوبي ومحمد عثمان وعبده التونسي مؤسس المجلة الإلكترونية «فلسطين ديجيتال» وصلاح أبوعلي وسعيد إدة حسن وباهرة عبداللطيف وخالد كاكي قبل أن ينتقل إلى السويد والموسيقي هامس بيطار والفنانان التشكيليان عاصم الباشا وحنوش. هؤلاء المبدعون العرب في إسبانيا يقومون بدور مؤثر، إذ إنهم سفراء للثقافتين العربية والإسبانية، في حين لاتزال «الدبلوماسية الثقافية» غائبة في جدول أعمال كثير من السفارات العربية.

ويبرز اسم صالح علماني الذي كان لترجمته الأدب اللاتيني دور بارز في الثقافة العربية، وفي تعزيز جسور التواصل مع إسبانيا وأميركا اللاتينية. ويُعد الدكتور محمود صبح من أبرز الأسماء العربية في إسبانيا، وهو شاعر ومترجم وأستاذ جامعي، حاز جائزة خوان كارلوس، وهو أول من ترجم «مذكرات بابلو نيرودا» إلى العربية. أما الدكتور طلعت شاهين، وهو شاعر ومترجم، له إسهامات كبيرة في الحوار الثقافي عبر ترجمة الأدب المكتوب باللغة الإسبانية إلى العربية، وهو من مؤسسي معهد مسرح البحر المتوسط في غرناطة، ومن أحدث ترجماته «عرب البحر» للإسباني جوردي إستيفا. وللشاعر والروائي محسن الرملي صاحب روايتي «الفتيت المبعثر» و«حدائق الرئيس» اللتين ترجمتا إلى الإسبانية، دور فاعل من خلال كتابته بالإسبانية وترجماته وحضوره الأدبي في الساحة الإسبانية، وهو الآن يستعد لإصدار روايته الجديدة «ذئبة الحب والكتب»، كما أنه عضو في لجنة تنظيم مهرجان طليطلة الشعري مع الشاعرين أحمد يماني وعبدالهادي سعدون اللذين يسهمان في الساحة الأدبية عبر حضورهما وترجماتهما للأدب من اللغتين الإسبانية والعربية. كما يقدم يماني برنامجاً إذاعياً في مدريد يستضيف فيه أدباء من العرب والإسبان ومن عموم الثقافة اللاتينية. أما النحات عاصم الباشا الذي يصف نفسه بـ«النحات الكاتب» فله حضوره الخاص في المشهد الإسباني، وكان كتابه «الشامي الأخير في غرناطة» نال «جائزة ابن بطوطة».

هؤلاء هم مثال حي على بناة جسور الحوار الثقافي والحضاري.

alialameri@gmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر