كل يوم
«تراحموا».. إنجاز طيب وملاحظات متكرّرة!
«تراحموا» واحدة من أكثر الحملات إنسانية، فما يحدث للأطفال والنساء وسط الثلوج، أمر لا يمكن تخيله، والإمارات ممثلة بصاحب السموّ الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، استبقت العاصفة بالإعلان عن الحملة، وسارعت إلى التجهيز وتسيير المساعدات العينية قبل وقوع الكارثة، وزادت من حجم المساعدات في وسط العاصفة، ثم أعلنت، أخيراً، على لسان صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، استمرار الحملة حتى نهاية فصل الشتاء.
هذا الإجراء الاستباقي كانت نتائجه مذهلة، فقد أسهم بشكل فاعل في إنقاذ حياة كثير من الأطفال بشكل مباشر، لأنهم كانوا قاب قوسين أو أدنى من الموت، فهم في مواجهة عاصفة ثلجية كاسحة بأطرافهم العارية الذابلة من قلة الغذاء، والمنهكة جرّاء الحياة الصعبة التي يعيشونها في مخيمات مؤقتة، فكانت المساعدات طوق نجاة لهم، أسهمت في إبقائهم أحياء.
| «هناك غياب واضح لإسهامات الشركات الكبيرة، خصوصاً الأجنبية، وهناك غياب شبه واضح لرجال أعمال وتجّار كبار في حملة تراحموا». |
خليفة بن زايد ومحمد بن راشد لا يريدون جزاءً ولا شكوراً، لكنهم أصحاب قلوب رحيمة مليئة بالعطف والرحمة والإنسانية، لذلك تجد أسماءهم وأفعالهم تسبقهم عند كل محتاج، أو ضعيف، في مشارق الأرض ومغاربها، وهذا نهج عام في سياسة دولة الإمارات الخارجية، نهج راسخ كرّسه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ودعم أركانه بقوة، وهو ما تسير عليه الدولة حالياً.
«تراحموا» جمعت 228 مليون درهم، وهو مبلغ كبير، مقارنة بالفترة الزمنية التي خصصت للحملة، ولا شك أن هناك كثيراً من المشاركين والمساهمين في التبرع للحملة، مؤسسات وأفراداً، كباراً وصغاراً، ضربوا أروع الأمثلة في المسارعة والتسابق من أجل الخير ولا شيء غيره، تنافسوا في عمل يحبه الله ورسوله، وهبوا لنجدة الأطفال والنساء وإخواننا في الشام ولبنان وفلسطين، فلهم من الله خير الجزاء، ولهم كل شكر وتقدير واحترام.
مخطئ من يعتقد أن في التبرع وإعلانه هنا، أو في أي حملة إنسانية منظمة، أي نوع من الرياء، إنها حجة ضعيفة لأصحاب قلوب مريضة تخاذلوا عن الإسهام بأموالهم، ولم يكتفوا بذلك.
كل من أسهم فهو لبى نداء الدين أولاً، لأن هذا ما يحثنا عليه الإسلام، وهذه هي الإنسانية، والتراحم هو عمل حضاري بمعنى الكلمة في مفهوم جميع الأمم الراقية، من تبرع فهو صاحب قلب رحيم شاهد الوضع الكارثي فآثر عدم الصمت، فله كل شكر واحترام وتقدير.
الإعلان عن التبرعات هو وسيلة لتحفيز وتشجيع البشر، خصوصاً في الحملات الإنسانية المنظمة، وهو وسيلة أيضاً لتحفيز المجتمعات والدول الأخرى وغير مقتصر على مجتمعنا فقط، ومن أبدع في عمل الخير فله أجر كل من حذا حذوه من بعده.
«تراحموا» ليست الحملة الإنسانية الأولى التي تطلقها الإمارات، وبالتأكيد لن تكون الأخيرة، لكن الملاحظات العامة مازالت تتكرر، فهناك غياب واضح لإسهامات الشركات الكبيرة، خصوصاً الأجنبية، وهناك غياب شبه واضح لرجال أعمال وتجّار كبار، كما أن المشاركة الفاعلة غالباً ما تكون محصورة في مناطق بعينها، في حين لاتزال مناطق كثيرة في الدولة ضعيفة في إسهاماتها الخيرية والإنسانية!
twitter@samialreyami
reyami@emaratalyoum.com
لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .