5 دقائق

مواصلون

د.عبدالله الكمالي

الوصول إلى الهدف أمر جميل ويحتاج إلى جهد كبير، والمحافظة على هذا الوصول أمر أجمل ويحتاج إلى جهد مضاعف، فالمواصلة والثبات على الخير من الخصال التي مدحها الإسلام، وفي أيامنا نحتاج لمواصلة عظيمة في محاربة أفكار التطرف والغلو، فلا تظنوا أن هذه الأفكار ولت من غير رجعة، فهي خامدة في بعض النفوس تنتظر الفرصة للهجوم والعودة الجديدة، فمن أدبياتهم «فقه المرحلة»، وهذا الفقه يقتضي التلون بحسب الظروف الموجودة، فإن كانت العوامل مساعدة كشرت الجماعة عن أنيابها، وإن كانت الظروف صعبة مالت للهدوء والمسالمة، لإعداد صفوف أخرى تساعدها في المستقبل إذا حانت اللحظة المناسبة.

لابد من مواصلة التحذير من شرور هذه الجماعات، وإعداد خطط مدروسة لمحاربتها بشكل فعال.

إن المواصلة في محاربة جماعات التطرف والتشدد من أهم المهمات، فكلنا يرى نشاطها في بلدان قريبة، وبلغت الجرأة بهم إلى سفك دماء الأبرياء، خصوصاً موظفي الجيش والشرطة، فدماؤهم رخيصة جداً عندهم، فلابد من مواصلة التحذير من شرور هذه الجماعات، وإعداد خطط مدروسة لمحاربتها بشكل فعال، ووضع منهجية واضحة لتحذير الناس من شرهم، فمن الخطأ الجسيم أن تكون طريقة استئصال هذا المرض من المجتمعات بصورة عشوائية أو بـ(دروشة) شديدة، فهذه الطرق الضعيفة تعودت عليها جماعات التطرف، ويتغلبون عليها بسهولة، فمن الطرق المقترحة لمواجهة الأفكار المتطرفة تفعيل دور المناهج الدراسية، فيتعلم الطفل منذ نعومة أظفاره أهمية السمع والطاعة لولي الأمر، وخطورة التطرف وسفك الدماء والاعتداء على الأبرياء في الشرع والدين، فالشريعة مليئة بالنصوص المحذرة من ذلك، والتي تحذر أيضاً من الفرقة والخروج على ولي الأمر، ومن الضروري إقامة حلقات خاصة في وسائل الإعلام يستضاف فيها أهل الخبرة والاختصاص، لشرح أوجه انحراف تنظيم القاعدة مثلاً عن الدين، حتى يفهم الناس خطورة هذه الجماعات وأنها تخالف أصول الإسلام وقواعده، فحشد الناس عليهم وجعلهم كلمة واحدة في حربهم من أنفع الطرق لمواجهة هذه الفرق، ونحارب هذه الجماعات بإعداد كتيبات وبرامج وثائقية ودراسات جامعية ومسابقات وطنية في محاصرة شبههم وطرق تفنيدها، ثم تنشر هذه المواد العلمية مطبوعة وإلكترونية وتترجم إلى مختلف اللغات، فالمواصلة والاستمرار في مواجهة أفكار التطرف والغلو من أجلّ الأعمال المقربة إلى الله، فإن فاخرت الجماعات بإعداد أجيال يوالون فكرها فعلينا أن نعد أجيالاً نفاخر بها تحارب أفكار التطرف والغلو من خلال هدي وتعاليم ديننا الحنيف.

مدير مشروع مكتوم لتحفيظ القرآن الكريم بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي

alkamali11@

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر