أبواب

عن جائزة نجيب محفوظ

يوسف ضمرة

تحاول هذه الجائزة السير على خطى جائزة غونكور في فرنسا، فالغونكور لا قيمة ما دية لها كنوبل، بل وكعشرات الجوائز التي يكفي الفوز بواحدة منها لاعتزال الكتابة لدى البعض. الغونكور جائزة أكثر أهمية من عديد الجوائز العالمية، ولا ينالها إلا من يستحق أن يكون روائياً، بغض الطرف عن اتفاقنا أو اختلافنا مع مضامين بعض الروايات الفائزة، وأخص هنا غير الفرنسية بالتحديد.

الرواية التي تفوز بجائزة غونكور تصبح في لحظة إعلانها الكتاب الأكثر مبيعاً، وهذه ثقة القراء الفرنسيين بجائزتهم، التي تجد نفسها ملزمة بالتشدد والبحث عن الكنوز الروائية. والرواية الفائزة تتم ترجمتها على الفور إلى أكثر من لغة، لتصبح من الكتب الأكثر انتشاراً في أوروبا، خصوصاً بعد تشكل الاتحاد الأوروبي نفسه، والرواية الفائزة تصبح محط أنظار وسائل الإعلام والنقاد من دون استثناء، والروائي يتحول من كاتب مغمور أحياناً إلى كاتب من الصف الأول في فرنسا وفي أوروبا، وهو ما يعني فتح الأبواب والنوافذ أمامه لينطلق إلى قارات العالم كلها.

الرواية التي تفوز بجائزة غونكور تصبح في لحظة إعلانها الكتاب الأكثر مبيعاً، وهذه ثقة القراء الفرنسيين بجائزتهم، التي تجد نفسها ملزمة بالتشدد والبحث عن الكنوز الروائية.


الكاتب العربي معني في المقام الرئيس بنشر كتابته بين قراء عرب؛ بين مواطنيه، خصوصاً وهو يتناول قضاياهم وهمومهم وأحلامهم ومشكلاتهم.

ربما تكتفي نوبل باسمها وبتاريخها، لكن كثيراً ممن فازوا بنوبل لم يعد أحد يسمع بهم حتى في بلادهم، إذ تبدو نوبل في كثير من الأحيان جائزة ترضية في بعض فروعها، ونخص هنا الأدب. ولا ننسى أنها منحت للرئيس الأميركي أوباما مع بداية ولايته، ما يعني أن لجنة الجائزة لم تكن رأت خير أوباما من شره بعد.

تبدو مكافأة الفوز المادية بجائزة نجيب محفوظ رمزية تماماً، بالمقارنة مع المبالغ الهائلة التي تنفقها جوائز أخرى، ولكن الجائزة تلتزم بترجمة العمل الفائز إلى اللغة الإنجليزية، وهنا مربط الفرس، فالكاتب العربي معني في المقام الرئيس بنشر كتابته بين قراء عرب؛ بين مواطنيه، خصوصاً وهو يتناول قضاياهم وهمومهم وأحلامهم ومشكلاتهم. صحيح أنه سيكون سعيداً بترجمة روايته إلى لغة عالمية، أو إلى اللغة الأكثر انتشاراً في العالم، لكن عليه أن يتحقق من هذا الانتشار وصحته وجدواه.

فكاتب مثل نجيب محفوظ مثلاً، الفائز بجائزة نوبل، ليس معروفاً في أوساط القراء الأجانب، على الرغم من ترجمة روايات عدة له إلى أكثر من لغة أجنبية، وجل ما يحصل عليه أدب محفوظ من اهتمام هو في حدود ضيقة، لأنها تلك الحدود الأكاديمية، حيث يوصي بعض أساتذة الأدب طلابهم بالاطلاع على أدبه، وربما كتابة بحث في مسيرتهم الأكاديمية، بينما تحظى كتابات أمين معلوف، وإليف شافاق التركية الشابة، باهتمامات شعبية عالمية، واهتمامات نقدية وإعلامية لا تقل شأناً.

لقد ترجمت العديد من الكتابات العربية من قبل إلى أكثر من لغة أجنبية، ولكن القارئ غير العربي لا يصاب بالذهول أمام هذه الكتابات، لأن الإعلام الغربي ليس مستعداً بعد للاهتمام بالأدب العربي، لأسباب كثيرة من بينها الدين والسياسة وصورة العربي النمطية لدى الغرب الذي توجهه وسائل الإعلام حتى في أدق تفاصيل حياته اليومية.

خير لنا الاهتمام بنشر الأدب العربي في أوساط القراء العرب، وخير لنا توسيع رقعة القراءة العربية، بدلاً من الركض وراء مجد زائف، لا يقدم للأدب العربي خدمة أو يمنحه أهمية من أي نوع، وهذا الأمر يتطلب تضافر جهود رسمية وأهلية ننادي بتفعيلها منذ عقود، ونحن ندرك أن لدى هذه المؤسسات مؤهلات مادية وكفاءات إدارية ما يكفي لنشر الكتاب وتسويقه بوسائل عدة.

damra1953@yahoo.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر