5 دقائق

كلوني وعنترة ورونالدو في واحد

خالد الكمدة

أتعبتنا يا بنت حواء لإرضائك، فهلّا تلمست الأرض تحت أقدامك، وهلّا فتحت لعقلك الذي تجاوز الطب والهندسة والفلك مجالاً ليقرأ الزواج كما هو، بغير ألوان وشرائط وأقراص عسل، كما هو بصيفه وشتائه، بضبابه وصحوته، بألوانه كلها، الصفراء والخضراء والكحلية، وليس بلونه الوردي فحسب؟!

«الزواج ليس أنهار عسل، وليس صفقة رابحة، بل هو جزء مهم ورئيس لهيكلة العلاقات البشرية، وناظم ومحرك لها».

أتعبتنا بفجوة تزداد يوماً بعد يوم بين ما تم تحقيقه من انفتاح وتألق وتميز، وما هو ساكن مستقر في زاوية آمنة من هذه الرؤوس الجميلة، حزمة من خيال مسبق الصنع، تم استلامه مباشرة من رواية أو مسلسل أو عبر وسيط أوصاك بألا تقتربي من حزمة الخيال الشهية إلا بعد الزواج، حيث أنهار العسل تجري، والشموع تضاء حتى يطفئها نسيم الفجر. تعبنا وتعب الواقع، وتعب المجتمع، وآن لك أن تقرئي معادلة الزواج بشكل صحيح، كما قرأتِ كل معادلات الكيمياء، وأن تدركي أن إشارة المساواة التي تفصل طرفي المعادلة لم توضع على سبيل الزخرفة، وأنها في الزواج كما في غيره تقرأ كإشارة مساواة وليست كإشارة النصر. هذا الشاب الذي نشأ كما نشأتِ، ولعب في البر كما لعبتِ، وسهر ليالي الامتحانات كما سهرت، واستمع إلى الأغنيات نفسها، وتسوق من الدكاكين نفسها، لن يكون بالضرورة فارساً يمتطي جواده في كل ليلة، ويطوف بيتكم ينظم الشعر في عينيك، ولن يدخل بشعره الرمادي وصدره العريض ليجثو أمام ركبتيكِ، وليس بنكاً متنقلاً يغدق عليكِ ما فاض عنه بركلة كرة، هو ليس جورج كلوني، وليس عنترة العبسي، وليس كريستيانو رونالدو، فما بالك تريدينهم جميعاً به؟ الزواج ليس أنهار عسل، وليس صفقة رابحة، بل هو جزء مهم ورئيس لهيكلة العلاقات البشرية، وناظم ومحرك لها. والزوج ليس بطل رواية عاطفية حتى إن كان أكثر عاطفة من كل ما كتبته الروايات، وليس مورداً مالياً مفتوحاً حتى إن كان كرمه وشهامته مضرب مثل، الزوج صاحب ورفيق، سند وعون، وشريك لتأسيس مشروع أسرة، لا تبدأ إلا بكِ ولا تكتمل إلا به.

غريب أن نرى اليوم بناتنا اللاتي تجاوزن بقدرتهن العقلية تحديات علمية وعملية واسعة، يتحولن إلى أميرات قصص كأخوات سندريلا، عندما يتعلق الأمر بالزواج، غريب أن يستثني تفوق المرأة الفكري في أيامنا فهمها لواقع الزواج، وأن تبقى ملتصقة بفكرة الحياة الوردية والشرائط الملونة، غريب أن نراكِ ثابتة واثقة في العلم والعمل، مهتزة مضطربة أمام حلم زواج، وغريب ألا يجد فيك الزواج ما يحتاجه من قدرة على حل أصعب المعادلات، وعلى تحقيق تكافئها.

KhaledAlKamda@

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر