مزاح.. ورماح

«عودة قريش..»

كاتب

عبدالله الشويخ

.. وكما نعلم وكما نقل أجدادنا عن أجدادهم عن أسلافهم الكرام عن عصور ما قبل النهضة، وقبل وجود المسكوكات، وقبل الإسلام أيام عبادة الأوثان، بأن الناس كانت في تلك العهود تبادل الأشياء بالأشياء فلا أنواط ولا نقود.. أنا أعطيك بقرة وأنت تعطيني برميلاً من الخمر.. لا تنسَ أننا نتحدث عن عصر ما قبل التحريم.. أنا أعطيك أربعة رؤوس من الغنم وأنت تعطيني جارية رومية.. أنا أعطيك سبعين جراباً من التمر وأنت تعطيني أوراقاً مقدسة كان يحملها مسافر من الشام.. وهكذا تسير الأمور فلا محفظة غوغل الإلكترونية ولا «كريديت كارد» ذهبية تمنحك حق الحصول على موقف مجاني أمام «دبي مول»، ولا حاجة إلى حفظ أرقام الـcvc التي تضمن لك ألا يتطفل «هاكر» روسي يشعر بالملل في سان بطرسبورغ على أسرارك المالية.

في هذه الأيام بدأت الممارسات «القرشية» في البيع والشراء تعود إلى فريجنا، والسبب في ذلك برنامج إلكتروني لطيف وسخيف في آن معاً، يحمل شعار كاميرا بولورايد إذا كنت مثلي تذكرها وتذكر ممارساتها اللطيفة حين تخرج الصورة وكأنها خبزة خرجت لتوّها من التنور حارة.. نظيفة.. تحمل مفاجآتها.. تنفخ عليها.. تهفيها.. تبدأ ألوانها تتضح رويداً رويداً، مثل ذكرى قديمة أحياها لقاء حبيب يئست منه!

سمح البرنامج الإلكتروني لجميع نساء الفريج بأن تكون لهن مصانع منزلية تصنع وتغلف وتسوّق وتبيع، دون الحاجة إلى رخصة تجارية، ولا رقابة صحية، ولا خوف من حماية المستهلك.. ربما كان المصنع تحت الشبرية.. ربما كان في الحديقة الخلفية.. في عزبة سرية.. لا أعلم.. ولكن الحق يقال إن منتجات وأساليب تغليف وتسويق هذه المنتجات تفوق طعماً وأناقة آلاف المنتجات الرسمية التي تباع في البقالة والجمعية، بالنسبة لرجل مثلي يأكل كل ما يدب ولا يدب، لا مشكلة، خصوصاً إذا كانت الفاتورة ترسل إلى الباب الآخر في منزلنا.

ولكن المشكلة أنه مع نجاح من بدأ هذه التجارب حصل انفجار إبداعي لدى الجميع، فهذا يبيع أقمشة وهذا يبيع كب كيك، وهذا يبيع حلوى، وذاك يبيع كب كيك، وتلك تبيع عصائب، وتلك تبيع كب كيك.. سؤال لهواة المسابقات التلفزيونية: تشتهر الإمارات بتصدير البترول والتمور والـ... لديك ثلاثون ثانية قبل قرع جرس الفرن!

ما حدث بعد فترة أن الجار أصبح يشتري مستلزماته من الجيران، وبسبب أنها أغلى سعراً وأن الأهل في المنزل لديهم صناعتهم الخاصة أيضاً، فأصبح الكل يقوم بعملية التبادل القرشية اختصاراً للمال والوقت.. ترسل لي طاستين حلوى وأرسل لك خمسة قرون كب كيك.. سجل أنا عربي.. وأبنائي ثمانية وتاسعهم سيأتي بعد صيف!

التجار ثلاثة: تاجر وتويجر ونسيت الثالثة.. على أنني أتمنى التوفيق للجميع، ولكن سؤالي المعلق كدخان الكب كيك المحترق.. هل ستصمد هذه التجارات «الخاصة بالمترفين»، إذا صح التعبير، مع أول مطب اقتصادي؟ هل هي استثمار صحيح لمقدرات وإبداعات الشباب؟

هذا سؤال لمن لا يطيق برامج المسابقات التلفزيونية!

Twitter:@shwaikh_UAE

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر