كل يوم

خطاب ديني مشوَّه!

سامي الريامي

«الدولة الإسلامية».. كما يحبون أن يسموا أنفسهم، لكنني أود أن أخبركم الحقيقة.. هم ليسوا من الإسلام، وليسوا دولة.. هذه الأيديولوجية الحاقدة لا علاقة لها بالإسلام، وهي مرفوضة من طرف الأغلبية العظمى من مسلمي بريطانيا، ومسلمي العالم.

نعاني، نحن المسلمين، توجيهاً خاطئاً، وخطاباً مشوَّهاً، مزروعاً وللأسف حتى في قلوب الصغار، غذته فيهم المناهج غير الصحيحة في المدارس، والخطب الدينية في المساجد من قِبَل بعض المتشددين، أو بعض السطحيين في علوم الدين.

يقول القرآن: «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا»، ويقول: «لا إكراه في الدين»، إذاً بلغوا هذه الرسالة، أخرجوها من هذا الاجتماع وهذه الغرفة إلى العالم، المتطرفون لن ينجحوا أبداً في تفريقنا، بلغوا هذه الرسالة إلى من حولكم، نحن نعرف أن الإسلام دين سلام، ولا علاقة له بأيديولوجية العدو.

هذه المقتطفات ليست من خطبة دينية، وليست من كلمات عالم دين مسلم، بل هي لمسؤول أوروبي كبير، ليس من العرب ولا من المسلمين، إنها من كلمة لوزيرة الداخلية البريطانية، تيرزا ماي، ألقتها في مؤتمر دولي يبحث آفاق المستقبل نحو الأفضل، وبصراحة لقد أبدعت في الدفاع عن الإسلام، واستطاعت التأثير في الحضور، بشكل ربما لم يفعله من قبل أي مسؤول مسلم يدافع عن دينه الصحيح.

أهمية الكلمات لا تكمن فقط في كونها خرجت من وزيرة داخلية بريطانيا، لكنها مهمة بدرجة كبيرة لنا نحن المسلمين، فلقد استطاعت تيرزا ماي أن تلقي بالضوء على الجانب المشرق في ديننا الحنيف، الذي يتعمد معظم المسلمين (بقصد أو بغير قصد) إخفاءه وتجاوزه، وهو جانب تقبل الآخر، والتعايش السلمي مع كل الأديان، وعدم التدخل في معتقدات الآخرين، ومحاسبتهم أو معاقبتهم عليها، لأن حق الحساب والعقاب هو دور وحق خالص وحصري، يملكه خالق السموات والأرض، رب الناس، الذي يتقبل ممن يشاء ويعذب من يشاء، وليس لبشر مهما كان أن يعطي لنفسه جزءاً ولو بسيطاً من هذا الحق!

قرآننا العظيم مملوء بآيات السلام والمودة والرحمة، ومملوء بتعاليم السماحة واحترام بني آدم، بما في ذلك احترام معتقدهم، فبالإضافة إلى «لا إكراه في الدين»، و«لكم دينكم وليَ دين»، يقول عزَّ وجلَّ: «وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر»، ويقول: «إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء»، و«ليس عليكم هداهم ولكن الله يهدي من يشاء»، فإن كان رسولنا الأعظم محمد، صلى الله عليه وسلم، لا يملك القدرة على هداية الناس، فكيف يتجرأ بعض من يدَّعون الإسلام، اليوم، أن يُكرهوا الناس على الإسلام، بل ويجزُّون رقابهم، لا لسبب سوى أنهم غير مسلمين!

نعاني، نحن المسلمين، توجيهاً خاطئاً، وخطاباً مشوَّهاً، مزروعاً وللأسف حتى في قلوب الصغار، غذته فيهم المناهج غير الصحيحة في المدارس، والخطب الدينية في المساجد من قِبَل بعض المتشددين، أو بعض السطحيين في علوم الدين، جعلت معظم المسلمين يشعرون بأنهم في حالة حرب وكره مستمرة مع الأديان الأخرى، وقسمت العالم لديهم إلى فريقين متناحرين، يجب أن يقضي فيه الفريق الأول على الآخر، مهما طال الزمن: المسلمين والكفار!

يعلمون أطفالنا في المدارس أن الكفار هم أهل النار، ويخرج الطفل إلى عالم واقعي، يضم مئات الجنسيات والألوان والأديان، لا يعرف كيف يتعامل معهم، ولا يعرف إن كان هؤلاء هم الكفار الذين أخبر عنهم مدرس التربية الإسلامية، وهل عليه أن يكرههم حتى إن كانوا هم من يصنع «الآي باد» الذي يتعلم منه، وهم الذين يعالجونه؟!

twitter@samialreyami

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر