أبواب

خالد صالح.. وداعاً

خليل قنديل

من كان يرى أدواره في بعض المسلسلات العربية وبعض الأفلام لابد أن يفكر أن مثل هذا الفنان الموهوب بحاجة إلى ثلاثة أعمار كي يعبّر بشكل جيد عن موهبته الأدائية، فالفنان المصري، خالد صالح، الذي وافته المنية قبل أيام قليلة، إثر إجرائه عملية قلب مفتوح، كان يحتاج إلى أكثر من عمر كي يؤكد حضوره الفني، وسط هذا الخراب الأدائي الذي تعيشه الدراما العربية، فالرجل منذ إطلالته الأولى في أحد المسلسلات الرمضانية مع الفنانة يسرا، قبل سنوات، كان يبدو أنه قادم من زمن جيل العمالقة، ويبشر بحضور لافت في معظم أدواره اللاحقة.

الراحل خالد صالح كان يبشّر بذاكرة ضمت عمالقة مثل رشدي أباظة وشكري سرحان وكمال الشناوي وأحمد رمزي؛ بسبب قدرته العفوية والخارقة على اقتياد المشاهد العربي إلى أولويات أدائية في فن التمثيل.

الراحل خالد صالح، منذ إطلالته الأولى على الشاشتين التلفزيونية والسينمائية، كان يبشر بعودة عصر العمالقة الرومانسي، إذ كان يأسر المشاهد في رحلة استذكارية لفنانين استطاعوا التأسيس لمشهدية فنية كانت تبشر بالانحسار والذهاب في الذاكرة الجمعية، كان الراحل يبشر بذاكرة ضمت عمالقة مثل رشدي أباظة وشكري سرحان وكمال الشناوي وأحمد رمزي، بسبب قدرته العفوية والخارقة على اقتياد المشاهد العربي إلى أولويات أدائية في فن التمثيل.

 وكان صالح بعفويته الأدائية يقود المشاهد إلى حالة نادرة من التمتع بفن الأداء والتقمّص، تلك العفوية التي تسرقك من الواقع المعيش كي تذهب بك في رحلة زمنية مدهشة، وهي زمن الدور. والمشاهد الذي تعود على الدلال في المشاهدة لم يكن يدري أن هذا الفنان يعاني مرض القلب، وإجراء أخطر العمليات (عملية القلب المفتوح)!

 الفنان وحده من يدرك خطورة بعض الأدوار التي تظل بحاجة إلى رشاقة خاصة، وقد كان الراحل صالح يقسو على نفسه في سبيل عدم ملاحظة هذا الافتراق الصحي في البدن، والذهاب في استلاب الدور لذائقة المشاهد!

حتى في عمله قبل الأخير الذي حمل عنوان «حلاوة الروح» كان يحاذي فكرة الموت، والوقوف بتحدٍّ ضدها، والسقوط أمام الكاميرا مضرجاً في جلطاته التي أكلت عمره في وقت مبكر!

 أن يقضي الفنان خالد صالح نحبه ويلتقي الموت بكل هذه الشجاعة (50 عاماً) في مثل هذا الوقت المبكر؛ فهذا يعني أنه كان يقف على العتبة الأولى من العمر قياساً بأعمار الفنانين، وأنه كان يستعد لرحلة عطاء لافتة، لكن المرض غول العمر قصف هذه التجربة، ومنحها حكمة الموت المبكر.

لكن ستضع الذاكرة الفنية العربية صالح في المكان الفني المرموق، وهو يسطر حادثة تجربة فنية تستحق بالفعل الالتفات إليها واحترامها.

خالد صالح وداعاً في رحيلك المبكر هذا.

khaleilq@yahoo.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

 

تويتر