5 دقائق

الإسلام المفترى عليه

د. أحمد بن عبدالعزيز الحداد

لم تعرف البشرية نقاءً ولا وضوحاً ولا ملاءمة للعقل والفطرة مثل الإسلام، الذي هو الدين المرتضى عند الله، والمناسب لكل عباد الله، وفي كل أرض الله، من يوم خلقها الله تعالى، ومع ذلك يحاول من لا يفقهه ولا يتمثله أن يشوّه صورته، ظناً أن ذلك سيطفئ نوره، ويمنع ظهوره{وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ}.

ولم يعرف الإسلام هجمة شرسة، ولا وحشية بشرية أفتك من وحشية الحيوانات المفترسة كما عرفه اليوم من قِبَل أولئك الأدعياء الذين تسمّوا باسمه، وعملوا خلاف رسمه.

«أليس الإسلام استسلاماً لله رب العالمين، وسلاماً بين الخلق أجمعين، ومحبة للآخرين، ورحمة للعالمين؟».

فمتى كان الإسلام وحشياً بهذه الصورة التي يظهر بها الدواعش النواهش؟! أليس الإسلام استسلاماً لله رب العالمين، وسلاماً بين الخلق أجمعين، ومحبة للآخرين، ورحمة للعالمين؟ فكيف يُصوّر على أنه همجي يفتك بمخالفيه، ويهتك ستر متبعيه؟!

هذه وحشية همجية يُقصد بها الصدّ عن دين الله، والتنفير لخلق الله، كي لا يعرفوا الله، وكي لا يحبوا ويتبعوا رسول الله، ويوالوا عباد الله وأولياء الله {وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ}.

نعم هم كذلك بلا ريب، فإنَّ من استحل محارم الله المجمع عليها عند علماء الشرع المعلومة من الدين بالضرورة خرج من ربقة الإسلام، كما قالوا:

ومن لمعلومٍ ضرورةً جحد من ديننا يقتل كفراً ليس حد

وهل هناك معلوم من الدين ضرورة أكبر من سفك دم المسلم بغير حق؟ وهو الذي عصم دمه وماله بـ«لا إله إلا الله محمد رسول الله»، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «فإن الله تبارك وتعالى قد حرم عليكم دماءكم وأموالكم وأعراضكم إلا بحقها، كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا»، أو احتمى بأهل لا إله إلا الله، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عاماً»، ومتى كان الإسلام يُكْرِه الناس على الدخول فيه، والحق يقول: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ}،

فكيف إذاً يليق وصفهم بالإسلام وهو بريء منهم كبراءة الذئب من دم يوسف؟!

إذاً فليوصفوا بصفاتهم الحقيقية «أعداء الإسلام» حتى لا يُحسبوا عليه، ولا يعكروا صفوه، ويُصدّ الناسُ عنه بسببهم.

الإسلام لم يحارب يوماً إلا من حاربه، ولم يفتك مع الغَلبة، ولم يمنع حقاً إذا طُلبه، عرفه أعداؤه بالرحمة فتعايشوا معه، فلم يجُرْ على أحد، بل جعل الناس سواسية في موازين العدل حتى مع اختلاف الدين، فأين هم من ذلك إن كانوا يعقلون؟

كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء في دبي

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر