5 دقائق

الأمن الفكري (2)

د.عبدالله الكمالي

يُجيد بعض التنظيمات الإرهابية ذات الأفكار المتشددة ترتيب الأوراق من ناحية التوجيه الإعلامي، عبر استغلال وسائل الإعلام الجديدة المتاحة لكل أحد، وتقوم فرقها الإعلامية بدس شبههم في مختلف الوسائل الإعلامية التي يستخدمونها، مستغلين عاطفة الناس الإسلامية الطيبة، وتصديق بعضهم لأي شيء يقع بين أيديهم، وهذا هو الملاحَظ على تنظيم «داعش» وغيره من تنظيمات الخوارج، فلا مانع عندهم من اختلاق الأكاذيب وإخراجها في قالب جميل عبر مقطع يُنشر في «يوتيوب» أو غيره، فهنا لابد من رصد هذه الشبه، واستباق هذه التنظيمات في نشر الوسطية والاعتدال اللذين تقوم عليهما أدلة الكتاب والسنّة، فإذا شاهد الناس بعض هذه المقاطع المضللة تنبّهوا لكذبها، ولم يغتروا بتصريحات المجاهيل والملثمين، بل يردّون عليهم بأقوال أهل العلم الثقات ممن رسخوا في العلم الشرعي، وهذا الجانب يحتاج إلى جهد منظم لدحر الشُبه التي تزجّ بها هذه التنظيمات في مواقع التواصل خصوصاً، ويمكن ردّها بأيسر طريق، فلا يمكن للباطل أن يقف في وجه الحق، فكما قال تعالى: «بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق»، ومن أهم المهمات في موضوع الأمن الفكري إعداد مناهج وكتب ومطبوعات مختلفة تبيّن سماحة الإسلام، والتركيز بشكل خاص على الجامعات وطلاب الثانوية العامة، فهذه المرحلة هي مرحلة الحماسة والاندفاع، وهذه المشاعر المندفعة لو تم توجيهها إلى الخير وتعليم طلاب الجامعات، خصوصاً، أصول الإسلام، وضوابط الجهاد الصحيح، وضوابط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفق أدلة القرآن والسنّة، فلن يتمكن أي تنظيم متشدد من التلبيس على طلابنا وطالباتنا في مثل هذه المسائل، التي يحترف طرحها بشكل مغلوط قادة التنظيمات المنحرفة، وكم تحتاج مناهج الجامعات، على وجه الخصوص، إلى مراجعة وتحديث، لتناسب التحديات المهمة التي تواجهها المجتمعات حالياً، فإذا تعلّم طلابنا وطالباتنا الصواب، وحذروا من الخطأ، تكونت عندهم حصانة فكرية قوية للغاية، والدور هنا على مديري الجامعات ووزارة التعليم العالي بإلزام الجامعات بتدريس منهج مراجع ومدقق، يعالج قضايا الإرهاب والتشدد والعنف من خلال الأدلة الشرعية، وكذلك الدور على وزارة التربية والتعليم كبير جداً في تنشئة الطلاب والطالبات على الفهم السليم لهذه المسائل المطروحة، وتوجيه المعلمين بضرورة غرس أصول أهل السنّة والجماعة في مسائل طاعة ولي الأمر، وتحريم دماء الأبرياء.

والواجب أيضاً كبير للغاية على الجهات الشرعية في اختيار العناوين المناسبة في خطب الجمعة، لتكوين أمن فكري راسخ بأسلوب عصري جذاب ومشوّق.

تنظيم «داعش»، وغيره من تنظيمات الخوارج، لا مانع عندهم من اختلاق الأكاذيب وإخراجها في قالب جميل، عبر مقطع يُنشر في «يوتيوب»، وهنا لابد من استباق هذه التنظيمات في نشر الوسطية.

مدير مشروع مكتوم لتحفيظ القرآن الكريم بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي

@D_alkamali

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر