أبواب

دراما فقدت البريق

خليل قنديل

من راقب الهوس الدرامي للمسلسلات الرماضانية العربية هذا العام، مقارنة بأعوام فائتة، لابد وأن يدرك أن الدراما التلفزيونية الرمضانية العربية قد فقدت بهجتها، وتحولت إلى مفصل في تاريخ صعود نجم الدراما العربية وهبوط هذه الدراما وفقدانها لقوة الجذب التي ظلت تميز الدراما العربية. وهنا وجب تأكيد أن الظروف التي تغمر ملامح الوطن العربي هي أسّ البلاء في فقدان القدرة على استمرارية المشاهدة.

وإذا سلمنا لمقولة إن الدراما العربية تتكئ في مضمونها على المضارع السياسي وآثار النكسات الجارحة على المواطن العربي، فإنه حريُ بنا تأكيد أن المواطن العربي الذي استيقظ على ثورات شعبية وجماهيرية أطاحت بأنظمة ديكتاتورية لم يجد الوقت الكافي لنسج خيوط قصته الدرامية بحيث بدت الأحداث التي عاشتها بعض العواصم العربية مخالفة لنهجها التسويقي لرمضان.


« الواقع الدرامي الحياتي للشعب السوري وما حلّ به من نكبات تفوق كثيراً على فكرة الاستجداء الدرامي الذي يقوم على تثوير المشاهد، وبناء وجدانه القومي المناضل!»

« من الممكن أن يكون مثل هذا المفصل التاريخي الذي واجهته الدراما الرمضانية هذا العام الدرس المهم الذي كان على الدراما العربية تعلمه في وقت مبكر».


وعلى سبيل المثال لا الحصر؛ فإن مسلسل «باب الحارة» كان يعرض وهو يؤرخ لتاريخ سورية المعاصر، مستنداً على مفاصل تاريخية مهمة في تاريخ الحارة الدمشقية من حيث المواجهة مع الاستعمار، وصعود نجم المناضل العربي وهو يضع يده بيد السلطة باتجاه الحرية وكسر القيد!

لكن المفاجأة كانت في انتفاخ واقع الحركة الثورية وهي تمور في بطن الحارة الدمشقية التي باتت تتلقى ضربات النظام الرسمي ببراميل البارود، وتهجير أكثر من نصف الشعب السوري إلى أمكنة مقترحة وجديدة، وهذا بالطبع يتنافى مع الواقع الذي كان المسلسل ينوي طرحه!

والغريب أن الواقع الدرامي الحياتي للشعب السوري وما حلّ به من نكبات تفوق كثيراً على فكرة الاستجداء الدرامي الذي يقوم على تثوير المشاهد، وبناء وجدانه القومي المناضل!

وربما تكون هذه الصفعة الواقعية من الأسباب المنطقية التي ربما تجعل مؤلف العمل يعيد النظر في العديد من الأساسيات التي يقوم عليها مثل هذا المسلسل، حيث لا نصر ولا ابتهاج في الوطن!

وعلى الجانب الآخر من المسألة نلحظ أن الدراما الرمضانية قد قلمت أظافرها قليلاً من خلال مجمل الأعمال الدرامية؛ إذ يمكننا ملاحظة اختفاء تلك الضجة التي تسبق عرض أي مسلسل، وذاك التسويق الإعلامي الذي يسعى إلى التهويل بحجم العرض قبل حدوثه وإلى تثبيت بعض شخوص المسلسل كركائز مهمة في الذاكرة الجمعية!

ومن المهم الإشارة هنا إلى مسألة ضعف التسويق الجماهيري لمسلسلات رمضان هذا العام، وخلو بعض ملامح الدراما التلفزيونية من الثبات الذي ظل يميز الدراما الرمضانية، إذ يمكن ملاحظة أن العديد من الوجوه التي تم تكريسها في دورات رمضانية سابقة - وفي ظل تداعيات الربيع العربي - قد بدأت بالانسحاب المبكر هذا العام.

على كل حال من الممكن أن يكون مثل هذا المفصل التاريخي الذي واجهته الدراما الرمضانية هذا العام الدرس المهم الذي كان على الدراما العربية تعلمه في وقت مبكر.

وربما هذا سيعفينا في المستقبل القريب من مشاهد ة دراما أقل ما يميزها هو الركاكة والاستغفال المزمن لعقلية المشاهد.

khaleilq@yahoo.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر