5 دقائق

«سقيا الإمارات»

د.عبدالله الكمالي

من أعظم أبواب الأجر والثواب: سقي الماء وبذله للناس، ومن وقف على حال الناس في بعض البلدان، ومعاناتهم الشديدة في الوصول إلى المياه الصالحة للشرب علم أن التيسير عليهم في هذا الباب المهم له أجر عظيم، بإذن الله تعالى، فقد يستغني الإنسان عن الطعام لأيام، لكنه لا يستطيع أبداً أن يستغني عن الماء، فانعدام الماء يعني الموت، وقد تتعرض بعض البلدان لقحط شديد، ويصعب الحصول على المياه فيها، فيموت خلق من البشر والبهائم والزرع، بل ذكر ابن كثير في «البداية والنهاية» أنه في سنة 332 للهجرة، وقع عطش شديد في مكة في موسم الحج، فمات خلق كثير من شدة العطش، ورغّب النبي صلى الله عليه وسلم في سقي الماء، فقال عليه الصلاة والسلام: «ليس صدقة أعظم أجراً من ماء». وعن سعد بن عبادة، رضي الله عنه، أنه قال: يا رسول الله إن أمي ماتت فأي الصدقة أفضل؟ قال: الماء، فحفر بئراً وقال هذه لأم سعد، ولما قدم النبي، صلى الله عليه وسلم، المدينة لم يكن فيها ماء يستعذب غير بئر رومة، فقال: من يشتري بئر رومة فيجعل فيها دلوه مع دلاء المسلمين بخير له منها في الجنة، فاشتراها عثمان بن عفان، رضي الله عنه، وجعلها في سبيل الله، وسقي الماء وتيسيره على الناس من الصدقات الجارية التي تنفع الإنسان في قبره، ففي الحديث الصحيح: «سبع تجري للعبد بعد موته، وهو في قبره، من علم علماً أو كرى نهراً أو حفر بئراً أو غرس نخلاً أو بنى مسجداً أو ورث مصحفاً أو ترك ولداً يستغفر له بعد موته».

سقي الماء وتيسيره على الناس من الصدقات الجارية التي تنفع الإنسان في قبره.

وثبت أن امرأة بغياً سقت كلباً ماء فغفر الله لها، فكيف بمن يسقي البشر مياهاً عذبة طيبة، وثبت أيضاً أن رجلاً سقى كلباً ماء فغفر الله له، فالمشاركة في مشروعات سقي الماء من السعي الطيب لنيل مغفرة الله، عزّ وجلّ، وقد أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حملة «سقيا الإمارات» لإيصال المياه لمجموعة كبيرة من البشر لا تحصل على المياه المناسبة للشرب، فجزاه الله خيراً على إعلانه هذه الحملة الطيبة، وأسأل الله أن يسقيه من حوض النبي، صلى الله عليه وسلم، وما أطيب، والله، أن نشارك في هذه الحملة، ونشجع من حولنا على المشاركة فيها، خصوصاً أن الحملة جاءت في شهر رمضان، والنبي، صلى الله عليه وسلم، كان أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان، فلنتصدق ولو بالشيء القليل في دعم حملة «سقيا الإمارات» لعل الله أن يسقينا من أنهار الفردوس الأعلى.

مدير مشروع مكتوم لتحفيظ القرآن الكريم بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي

@alkamali11

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر