5 دقائق

اللهم ارزقنا

د.عبدالله الكمالي

جاءت في نصوص الكتاب والسنة أسماء كثيرة لله عزّ وجل، منها الرزاق، فالله سبحانه وتعالى هو الذي يرزق خلقه الرزق العظيم، ويعطيهم النعم المتوالية المتتابعة. تصوّروا غابة أو محيطاً كبيراً وما فيهما من مخلوقات عجيبة غريبة، من الذي يرزقها ويعطيها كلها على اختلاف أحجامها وأماكنها؟ إنه الله جل جلاله، وأيضاً من الذي يرزق الناس من يوم آدم عليه الصلاة والسلام إلى قيام الساعة؟ إنه الله، ورزق الله تعالى لا يمكن أن يطلب بمعصية الله، فمن ظن أن خداع الناس وابتزازهم وغشهم سبب لجلب الأموال الطائلة فقد أخطأ جداً وجانبه الصواب، بل هذه الطرق من أعظم أسباب محق البركات وذهاب الخيرات، فالمال الحرام لا يبارك فيه ربنا أبداً، وكم كان للمال الحرام من عاقبة سيئة على مالكه، وأنى تكون العاقبة حميدة إذا كان أصل المال جاء بطرق ملتوية؟

التأمل في مسائل الرزق الديني تدفع عن الإنسان جانباً كبيراً من أمراض القلوب والنفوس، كالحسد والحقد والغل.

ومن أنواع الرزق: رزق الإيمان والتقوى والعمل الصالح، وهذا الرزق لا ينتبه إليه كثير من الناس، فكما أن الله يرزق خلقه الطعام والشراب وسائر الأرزاق الدنيوية، كذلك يرزق الله بعض خلقه الرزق الأخروي ورزق التقوى والإيمان، فانظروا كم يصرف الله عنا ألواناً من الذنوب والمعاصي فلا يأتيها الإنسان ويبتعد عنها بعداً عظيماً بل ويخاف من الله أن يقع فيها، فهذا من الرزق الذي يغفل عنه كثير، وكم يرزق الله بعض خلقه الهمة العالية للعمل الصالح ونفع الآخرين وبذل الأموال للضعفاء والمحتاجين مع أن بعض الأغنياء قد لا يفكر أبداً في الصدقة والعطف على الفقراء والأيتام، فلِمَ هذا التفاوت؟ لأن الأول رزقه الله الهمة للعمل الصالح والآخر لم يرزق هذه الهمة، ومن تفكر في المسائل المتعلقة بالرزق الأخروي اعترف حقاً وصدقاً بعظيم فضل الله عليه، فالعبد لا يرى نفسه شيئاً أمام نعم الله عليه، فالخير كله والفضل كله بيد الله وحده.

إن التأمل في مسائل الرزق الديني تدفع عن الإنسان جانباً كبيراً من أمراض القلوب والنفوس، كالحسد والحقد والغل التي قد توجد من بعضهم تجاه الآخرين، فقد يكون للإنسان رصيد هائل من الحسنات ويصرف الله عنه ألواناً من السيئات وهو في غفلة عن هذا الجانب العظيم من جوانب الرزق، واستشعار فضل الله تعالى على الإنسان في مسائل الرزق الأخروي من أعظم أسباب الراحة النفسية، فقد قيل: لله در الحسد ما أعدله، بدأ بصاحبه فقتله، فاللهم ارزقنا التقوى والإيمان، ووفقنا للعمل الصالح.

مدير مشروع مكتوم لتحفيظ القرآن الكريم بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي.

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

alkamali11@ 

تويتر