5 دقائق

سبعة على عشرة أيضاً ناجح

خالد الكمدة

فجأة ومن دون سابق إنذار، قرر والد مهرة أنها ستحرم من هاتفها النقال إلى أجل غير مسمى. بلا مقدمات وبغير تنبيهات سابقة، بات إحراز 93% نتيجة غير مقبولة، تستوجب عقوبة غير محددة الأمد، هكذا ولسبب لا تعرفه تحول الوالد الطيب إلى مدير صارم يطلب الكمال في النتائج، ولا يبرر ولا يغفر. على الرغم من تقدم درجاتها هذا الفصل، تهدد بالنقل من المدرسة، والإبعاد القسري عن زميلاتها المتميزات، وبحرمان فوري من الأجهزة الذكية كافة.

«لماذا يا أبي؟ بماذا أخطأت؟ وما المطلوب مني؟ لم تقل لي آنفاً ما هي الدرجة التي يجب أن أصل إليها حتى آمن العقوبة!».. ونحن نسأل: لماذا يا أبومهرة؟ ما المطلوب منها بعد أن جدَّت واجتهدت وتفوقت وتحسنت نتائجها؟ هل لديك مقياس فائق التقنية يخبر كيف يمكن للفتاة أن تصنف في قائمة المجتهدات، أو تترك دونها إذا ما خسرت خمس درجات أو عشراً؟ من قال إن الدرجة الكاملة هي العنوان الأوحد للنجاح؟ سبعة على عشرة أيضاً ناجح.

«أن تكون تاجراً ناجحاً، أو طبيباً متفوقاً، أو كاتباً مبدعاً، أو إعلامياً يشار إليه بالبنان، فهذا لا يعني أن تضع ابنك على آلة ناسخة».

ما المطلوب؟ جدير بكل الآباء والأمهات أن يجيبوا أولاً عن هذا السؤال، قبل أن يحيطوا أبناءهم بمحددات بالية لا يعرفون من فرضها، قبل أن يضعوهم في قوالب توارثها أسلافهم أو صمموها هم بفخر.

أن تكون تاجراً ناجحاً، أو طبيباً متفوقاً، أو كاتباً مبدعاً، أو إعلامياً يشار إليه بالبنان، فهذا لا يعني أن تضع ابنك على آلة ناسخة، تريده نسخة طبق الأصل منك، لأنك توصلت إلى وصفة نجاح مضمونة، ولا تريد له أن يجرب غيرها فيفشل، أن تحلم بأن يحقق ما لم تحققه أنت، لا يعني أن يسير على دربك خطوة بخطوة، لأنه إن فعل فسيكون أنت ولن يكون هو، سيكون أنت بنسخة مكررة وأقل قيمة.

ما المطلوب من أبنائنا؟ ضروري أن نسأل أنفسنا قبل أن نحاسبهم، ولزام علينا أن نعرف ماذا نريد لهم ولماذا، وقبل كل ذلك علينا أن نكتشف من هم أبناؤنا، وما هي قدراتهم وإمكاناتهم، وأن نعطيهم المجال ليصيغوا بأنفسهم وصفات نجاحهم، وصفات أصلية ومبتكرة، قد لا تعكس صورنا لكنها بلا شك تعكس حبنا.

twitter@KhaledAlKamda

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر