5 دقائق

مهمة في نصف ساعة

خالد الكمدة

كلما رأيتَ أجزاءً أكبر من الصورة، عرفتَ أن حل العقد وفك الألغاز لا يحتاج إلى عبقرية. إذا ما لامست جراحاً نازفة، أدركتَ أن العقاقير المفقودة ليست هي العلاج. حياتنا أبسط بكثير إن تنبهنا إلى سرها، لم نوجد على الأرض لنجزع ونيأس ولا لنراكم الهموم ونقضي أيامنا طائفين بمحرابها، الخط المستقيم هو أقصر الطرق.

نبحث ونحلل ونقول «لو»، وبعد كل فاصلة نكتب «يجب». نفكر ونقرر ونحن عن قلب الحقيقة بعيدون، نمسك بأذيال الأمور وصلبها بهي وشهي وشاغر، نجمع ما يعكر صفونا منتظرين أن تهطل رحمة السماء بمفاتيح سحرية لمشكلاتنا أو أن نتعثر بمارد المصباح فيحل لنا العقد.

لا نريد عالماً مثالياً بل إنسانياً، نريد العودة إلى جذورنا، التمسك بمسؤولياتنا، نريد أن نمنح نصف ساعة من يومنا فقط لهذا الجيل الذي مهد لنا الطريق.

إذا ما انتهكت حقوق شيخ مسن في ساعات ضياع أخلاقي، فليس دواء ذلك أن نغمز ونلمز عمن نراهم قصروا في رعايته أو أن ننقب في الخفايا النفسية للمنتهك أو أن ننفث غضبنا على الظروف، الخطأ موجود كما الصواب، والشر قائم كما الخير.

كنا ومازلنا نطالب بأطر قانونية لرعاية كبار السن، غير أنها لن تكون وصفة سحرية، حماية حقوق الشرائح الأضعف، لا تكتمل إلا بمنظومة اجتماعية يسهم فيها صغيرنا وكبيرنا، يضع كل منا فيها من روحه بقدر، نمنح المسن من وقتنا وحبنا واهتمامنا ما تفرضه الإنسانية والدين والتقاليد.

قبل أن نبحث مَن المخطئ ومَن المقصر، نريد سد الفجوات والثغرات حتى لا يقع الخطأ، لا نريد عالماً مثالياً بل إنسانياً، نريد العودة إلى جذورنا، التمسك بمسؤولياتنا، نريد أن نمنح نصف ساعة من يومنا على الأقل، نصف ساعة فقط لهذا الجيل الذي مهد لنا الطريق وسلم لنا القيادة بعد أن سار بنا أشوطاً طويلة وشاقة، نصف ساعة يُسمع فيها الطفل جده أنشودة، نصف ساعة ترتب فيها الفتاة أغراض جدها، نصف ساعة يصطحب فيها الشاب جاره الكبير إلى مجلس الحي، نصف ساعة يطبع فيها الابن قبلة على جبين والده في الصباح وهو يطمئن على صحته ويطلب دعاءه، هكذا ستكتمل المهمة، هكذا نرعى حقوق كبار السن، فقط في نصف ساعة.

twitter@KhaledAlKamda

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر