5 دقائق

الحق حق

خالد الكمدة

لم أتحدث عن الحياة في المريخ، ولا عن مشروع لاستخراج الحبر من الحليب، لأجد هذا الكم المهم من الآذان المصغية والرؤوس التي تنحني بالموافقة. أسعدني ذلك وأدهشني، فلست أول من قال: يا جماعة للرجل حقوق، ولست حاملاً لواءً للدفاع عن الذكورة، فكل رجل قادر على تغيير مسار نهر، إن أراد، قلت فقط «للرجال نصيب»، لأن التوازن مطلوب، ومن المستحيل أن تستقيم العلاقات البشرية، سواء كانت بين الأزواج أو الأصدقاء أو حتى زملاء العمل، دون توازن نسبي، يقدم كل منهم للعلاقة بقدر، ويحترم الآخر ما قدمه الأول بقدر أكبر.

«ما نفتقده هو اعترافنا بالآخر، بوجوده وبدوره وبأهميته، بحتمية ضرورته لاستمرار حياتنا».

ما نفتقده هو اعترافنا بالآخر، بوجوده وبدوره وبأهميته، بحتمية ضرورته لاستمرار حياتنا، بكل مآثره ومثالبه، ما نحتاجه هو الوعي الحقيقي بأن لكل منا دوراً، لا يستطيع أي كان، مهما كانت قدراته، ومهما بلغت عطاءاته، أن يلغيه، وعِظم دور المرأة في الأسرة لا يمحو دور الرجل.

قد لا يحتاج الرجل إلى من يتصدى للدفاع عن حقوقه وحمايتها، لكن ألا يعد غبنه هذه الحقوق والتعامي عن معروفه مجافاة للعدل؟

تبدلت طبيعة دور الرجل في الأسرة مثلما تبدل كل شيء في المجتمع، وكما أن أعباء المرأة وهمومها ازدادت، اتسعت كذلك أعباء الرجل. فأن تكون بانتظارك بعد يوم عمل طويل ومتعب، زوجة أرهقتها الوحدة بين جدران منزلها، تحتاج إلى من يسمعها ويُسمعها، فهو دور جديد لم يكن في قائمة أبيك عندما كانت زوجه تعيش في بيت العائلة. وإذا ما كانت الأصابع تتجه دوماً نحو الرجل كلما حدث تخلخل أو تصدع في تلاحم الأسرة، فإن من الإنصاف أن يُلتفت إلى دوره أيضاً كلما توالت نجاحات الأسرة وازدهر غراسها.

«يجب ألا ينتظر الرجل الشكر على تحمله مسؤولياته»، هكذا يحاجونني، غير مدركين المفعول السحري الذي يمكن أن يلحقه اعتراف المرأة للرجل بجميل تحمله لأعبائه، وتقديرها له ولدوره في حياتها وحياة أبنائه. إذا ما تحولت أعباء الرجل الحياتية إلى مسلمات وبديهيات فهذا لا يعني أن ينكر ولا يشكر، إذا ما كان تسديد الفواتير، وإصلاح الأعطال، ومراقبة العمال، واجبات لا تُبحث تفاصيلها، فليس معنى ذلك أن يحرم من سماع «سلمت يداك» و«حفظك الله لنا».

ليس مطلوباً أن ندافع عن حقوق الرجل، بل أن نحق الحق، أن نقر بأهمية ما يقدمه الرجل، وما يمكن له أن يقدمه، ونلتفت إلى احتياجاته وهمومه، وأن يمنح كل منا لنفسه فرصة رؤية الأسرة من موقع الآخر قبل أن يصدر أحكامه ويعطي ويحرم.

twitter@KhaledAlKamda

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر