5 دقائق

حفظ النعمة «2»

د.عبدالله الكمالي

من نعم الله علينا وفرة الخيرات والطعام والشراب، ووجود الكهرباء والماء، فهذه نعم عظيمة لا نعرف قدرها إلا إذا سألنا من لا يجد عُشر ما نجده من الخير، أطلعني مرة بعض الإخوة على مشروع خيري حفروا فيه بئراً في بعض البلدان الإفريقية، فرأيت صوراً للماء الذي كان يشربه الناس قبل حفر البئر، فوالله العظيم لا أظن البهائم عندنا تشرب من هذا الماء، فهلا عرفنا قدر نعم الله علينا، فمن الخطأ الكبير أن يتم هدر المياه من دون سبب، خصوصاً عند الوضوء والاستحمام، فالمياه تهدر هدراً فاحشاً، وهذا ليس بصواب، فمن لم يسرف في الوضوء والاستحمام أصاب السنة وأرضى ربه وحافظ على النعمة، وكم أتمنى من الجهات المسؤولة أن تقوم بحملات لتعريف الناس بخطر هدر المياه، خصوصاً في المساجد، فكمية المياه المهدرة عند الوضوء كبيرة، ولابد من تنبيه الخادمات لضرورة عدم هدر المياه، فبعض الخادمات يهدر كثيراً من المياه عند غسل الأواني.

كم أتمنى من الجهات المسؤولة أن تقوم بحملات جادة وطرق مبتكرة لتعريف الناس بخطورة هدر المياه، خصوصاً في المساجد.

ومن صور عدم المحافظة على النعمة هدر الطاقة، فتشاهد بعض البيوت في وقت الضحى والأنوار كلها تعمل، بشكل دائم ومتكرر، وبعض الغرف تضاء فيها الأنوار على مدار الساعة، ولو قام كل واحد منا بالاقتصاد في استهلاك الكهرباء في بيته، وعمّ هذا الأمر المجتمع كله، لتمت المحافظة على هذه النعمة بشكل أكبر وأفضل.

ومن النعم التي تجب المحافظة عليها نعمة الطعام، فمن الناس من يحرص على ألا يرمي شيئاً من الطعام الزائد، فهو لا ينتظر جمعية خيرية تأتي لتأخذ ما يزيد من الطعام، بل يجهزه هو وأبناؤه في صحون مناسبة، ويوزعون الطعام على الفقراء والمحتاجين والعمال، ورأيت بعضهم يدعو الفقراء والمساكين بعد انتهاء الطعام فيأكلون ويأخذون الفائض، ومن المشروعات الخيرية التي تنظمها بعض الجهات مشروع «حفظ النعمة»، فكم في ذلك من خير عظيم، ومحافظة على نعمة الله من أن ترمى في القمامة والقاذورات، فلا ينتفع بها إنسان أو حيوان، فبعد كل وليمة لنتعب أنفسنا قليلاً محتسبين الأجر بتجهيز هذه الأطعمة وتوزيعها على الفقراء والمساكين، ولا نسمح أبداً برمي هذا الطعام، فكيف نرمي نعمة أكرمنا الله بها بينما نجد الناس في بلدان أخرى لا يجدون شيئاً يأكلونه!

ومن حفظ النعمة أن نربي أبناءنا على حفظ النعم وتقديرها وعدم التفريط فيها، وليس الأمر من باب البخل والشح، بل من شكر النعم أن نحافظ عليها.

مدير مشروع مكتوم لتحفيظ القرآن الكريم بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي

alkamali11@

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر