5 دقائق

المودّة الممتدّة

خالد الكمدة

ليست للطيور أعشاش كبيرة، ولكنها دائماً تطير في أسراب.. لا تقبض العصفورة على جناح صغيرها بعد أن يتعلم الطيران، تتركه ليحلق وحيداً، تعلم أن له آفاقه، وبانتظاره أغصان جديدة وعش جديد، وأنه مهما علت سماؤه واشتد جناحاه فلن يترك السرب.

ربحنا مع الحضارة الكثير، وخسرنا بيت العائلة الكبير الذي يعيش فيه جميع الإخوة وزوجاتهم في كنف أب عطوف وأم حانية، ما عادت في بيوتنا تلك السواقي الجارية من المودة والحنان تتدفق صباحاً ومساءً، وصرنا نحمل دلاءنا لنتزود من محبتهم أينما وُجدوا وحلّوا، صارت البيوت محطات للتزود بالمحبة نطير بعدها.. دون أن نغادر السرب.

«ما عادت في بيوتنا تلك السواقي الجارية من المودة والحنان تتدفق صباحاً ومساء، وصرنا نحمل دلاءنا لنتزود من محبتهم أينما وُجدوا وحلّوا».

نغادر بيت العائلة ولا تغادرنا ألفة الأسرة الممتدة، لأنها جزء من تراثنا وموروثنا الذي يأبى لنا الانسلاخ من ماضينا، لم يعد مقياس امتداد الأسر بامتداد أفرادها بل بامتداد المحبة ووثاقة التلاحم الأسري، روابطنا تبدل شكلها وصارت محسوسة وغير مرئية، وبات لزاماً علينا استحضارها وتثبيتها أمام عواصف عصر السرعة وملهياته.

اليوم وأنت تضع أعمدة عشك الذهبي، تذكر يا بني أن تؤسس لها بالحب، تذكر أن تحمل معك كل ما أعددناه لك من حمولة لا تلمس، ولن تأخذ في بيتك حيزاً، ضع هذه الحزمة من التفاهم في ركن بيتك الأيمن، وزين الركن الأيسر بالصداقة، واعلم أن المودة ركيزة لا يجب تحريكها بل البناء عليها، خذ هذه الغلال من العدل والمعروف، انشرها في كل زاوية واسقها بالرعاية والعطف، قد تحتاج منها الكثير، أبق دلوك حاضراً فأمك وأنا هنا لنمنحك منها المزيد كلما شئت.

في بيوتنا ننجز المهام الأصعب من بناء المجتمع، نزرع مفاهيم الإنصاف والاستقامة ونرسخ من تماسك وتلاحم المجتمع، مع كل شابة وشاب نقدمهم لوطننا مزودين بالوعي والمحبة، نُثبت وتداً جديداً في بناء مجتمعنا.

ما عدنا نعيش في أسر ممتدة ولكن مودتنا تمتد من جيل إلى جيل، وكما استلمنا أحلام سلفنا وحولناها إلى أهداف ننجزها واحداً تلو الآخر، هكذا نُحملكم رؤيتنا لاستقرار وازدهار المجتمع، هذه هي قيمنا، نجاح ممتد ومودة ممتدة.

twitter@KhaledAlKamda

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر