5 دقائق

حفظ النعمة «1»

د.عبدالله الكمالي

نِعَم الله علينا لا تُعد ولا تُحصى، والواجب على أي شخص أن يراعي نعم الله عليه، فيحفظ هذه النعم ولا يعرضها للزوال والتلف، ومن جميل الكلمات التي مرت علي، أن بعض كبار السن نصح أبناءه قائلاً: «نقول نحن: مرت علينا أيام عانينا فيها من شدة الجوع، وأخشى أن يأتي عليكم أيام تقولون فيها: مرت علينا أيام رأينا فيها الشبع»، فاللهم زدنا من فضلك وبركتك ونعمك، ومن أجلّ نعم الله علينا نعمة الأمن والأمان، فهذه النعمة امتن الله بها على كفار قريش فقال لهم: {فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف}، فلابد علينا أن نحفظ هذه النعمة وأن نؤدي حق الله في شكر هذه النعمة دائماً وأبداً، فهل للحياة طعم إذا ولى الأمن وانتشر الخوف في المجتمع؟! فكم من غني خرج من بلده بسبب انعدام الأمن وانتشار الجرائم التي لا يأمن بسببها على نفسه وماله وعرضه ودينه، والمحافظة على نعمة الأمن تكون أولاً بشكر الله تعالى وحمده والثناء عليه، ودعائه جلّ جلاله بأن يزدنا من هذه النعمة ولا يغيرها علينا، وأيضاً تكون بأداء الطاعات والقربات لله، عز وجل، فبالطاعات تنزل البركات والخيرات وتستقر النعم، وتكون أيضاً بالمحافظة على اجتماع الكلمة حول ولاة الأمر وشكرهم على فضلهم وخيرهم ومعروفهم، وأن نكون كاليد الواحدة التي تنبذ الفرقة والافتراق، فمن طرق بعضهم الماكرة لزعزعة أمن الدول نشر الأفكار التي تحث على الفرقة والاختلاف، التي تؤدي بعد ذلك إلى الفتن وإراقة الدماء، فنرد هذه الأفكار بالتمسك بالقرآن، فالله تعالى يقول: {واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا}، ونتمسك بسنة نبينا، صلى الله عليه وسلم، القائل: «الجماعة رحمة والفرقة عذاب».

هل تنفع الحرية والديمقراطية والدعوات الحزبية إذا انعدم الأمن والأمان؟

والخطر كل الخطر أن يخرج من بيننا من وقع في البطر، فلا يقدر نعمة الأمن والأمان، ويردد ما يقوله بعض من لا يعرف مكانة وفضل النعم: من عاش في أمن وأمان يأكل ويشرب فإنما يعيش كالدواب والبهائم! وهذا الكلام بسبب ضعف تقديره للنعم، وليس أضر على العبد من أن يتململ نعم الله عليه، فبالأمن نستطيع عبادة الله، ونخرج للمساجد ونؤدي الصلوات، ونصل الأرحام، ونزور المرضى، ونتواصل، فهل بعد ذلك نزهد في نعمة الأمن؟ وهل تنفع الحرية والديمقراطية والدعوات الحزبية إذا انعدم الأمن والأمان؟ وكم من مزهد في نعمة الاجتماع والجماعة إنما دافعه لذلك مصلحة شخصية يريد أن يظفر بها في القريب العاجل، ولو سألنا أهل بعض البلدان التي عمتها الفتن الآن ماذا تتمنون لأجابوا جميعاً: عودة الأمن.

مدير مشروع مكتوم لتحفيظ القرآن الكريم بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي

alkamali11@

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر