5 دقائق

«الطلاق» بطلاقة

إيمان الهاشمي

كلما زاد عدد اللغات التي يتقنها الفرد، زاد رصيده من إعجاب الغير بقدراته، وكلما اشتدت تعقيدات اللغة وقواعدها ومخارج النطق بها، اشتدت الأنظار المحملة بالثناء والتقدير، ولهذا لا نرى أي ضير في أن يتفاخر الكثير «باعوجاج لسانه» وفقاً للّكنة التي يجديها.

في حالاتٍ عديدة أكدّت الإحصاءات أن الكثيرين ممن يجيدون لغة «الطلاق» كان يجب عليهم إتقان «يوغا» الصمت.

واعتباراً بأن «الطلاق» قد أصبح اللغة الرسمية السائدة وفقاً لدستور بلاد «الزواج» التي فرض فيها المستعمر «اللاصبر» لغته الأم على الشعب، ثم حرّض الأفراد على «الأنانية» لضمان اندلاع «الحرب الأهلية» بين النظام الأسري، كما أنه حرص على تسليح الرجال والنساء بثلاث رصاصات مرخّصة (شرعاً)! ومحشوة بمسدس رشّاش نوع « ط. ل. أ. ق» من العيار الثقيل، لتنطلق طلقاته تيمناً بالظروف سواء كانت تستحق أم لا، أو ربما بحسب الضغوط التي تضغط على «زنّاد» الحياة أو المزاج أحياناً، ليتمزّق جسد الأسرة طلقة خلف طلقة، إلى أن يتقاسم الطرفان أشلاء جسد «شراكتهما» وجميع جوارحه المتصلة به، مخلّفين وراءهما بعض الرماد الممزوج برائحة «البارود العائلي» الذي قد يستمر مدى الحياة في بعض الأحيان.

الحقيقة أن «تفكك العلاقات» ليس دائماً شراً ولا انهياراً، فقد يكون نقطة بداية سعيدة يبني فيها الإنسان حياته من جديد، إلا أن تحوّله إلى عدوى أو موضة أو ظاهرة متهورة ومتدهورة خلقت من صلبه شروراً من نوع آخر! وهذا حتماً أشد خطراً من «الحروب» بأنواعها في القضاء على بنيان أي مجتمع، فالحرب النفسية أقسى أنواع الدمار للإنسان، ولذلك نرى في حالاتٍ عديدة أكدّت فيها الإحصاءات أن الكثيرين ممن يجيدون لغة «الطلاق» كان يجب عليهم إتقان «يوغا» الصمت وصون اللسان، فالخرس في مثل هذه الحالة هو «الدرع الواقية ضد الرصاص» ولهذا كان يجب على الألسن أن تُطلّق الطلاق ذاته «وبالثلاثة» بل وتطرده من «عش الزوجية» هو وأطفاله التوائم الأربعة (الخصام، والإهمال، والنشوز، وعدم الاحترام).

وأخيراً أتمنى ألا تتعلموا أبجدية هذه اللغة أبداً، وحتى إن اضطررتم إلى استخدمها، تأتئوا بحروفها ولا تجيدوها لأن الفائز هو «الأبكم» الذي لا يتحدث «الطلاق» بطلاقة!

eman.alhashimi@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتبة يرجى النقر على اسمها.

 

تويتر