5 دقائق

أنتم كبارنا وخيارنا

خالد الكمدة

«هذا شوعي.. السنبوك أكبر، هكذا قال جدي...»، بدا أحمد واثقاً بمعلوماته وبمصدرها، هو يعلم ببراءة الطفل أن جده أعطاه حصيلة خبرته وتجاربه، وأن ما حفظه عنه ليس موضع شك. ماذا قال لك جدك أيضاً يا أحمد؟ وكم أنت محظوظ لأنك قادر على سرد حكايات ستين عاماً لم تعشها، وقدمها لك جدك دون عناء منك أو مشقة، وكم نحن محتاجون إلى جد مثل جدك في كل بيت يمنحنا تجارب سنين.

أليس هدر الطاقات إساءة بحق الوطن؟ أليس هدر الخبرات إساءة بحق الثروة البشرية؟ أليس هدر الوقت إساءة بحق الحياة؟ ألسنا دولة فتية وبحاجة إلى استثمار الطاقات والخبرات والوقت؟ كيف لنا إذاً أن نفرط في حقنا في توارث حكمة وخبرة كبار السن بعد أن وصلوا إلى أفضل مراحل النضج البشري؟

«أليس هدر الطاقات إساءة بحق الوطن؟ أليس هدر الخبرات إساءة بحق الثروة البشرية؟ أليس هدر الوقت إساءة بحق الحياة؟».

في سعينا نحو التميز نحتاج إلى اختصار الزمن وتخطي السنين، وليس أفضل لنا من العمل بشكل علمي على جميع المستويات لتحقيق التكامل بين كبار السن والشباب، للدمج بين طاقة وقوة وحيوية الشباب وعصارة خبرات وتجارب كبار السن، ما أجمل أن يعمل كبار السن على تنمية المعرفة والحكمة لدى الأجيال الشابة، لتكون قادرة على الاختيار بين الصواب والخطأ.

وجودكم في زاوية المنزل تمنحه البركة، ولكننا نحتاج إليكم في كل زوايا حياتنا، نحتاج إليكم لتضيئوا حاضرنا بمداد خبرة أكسبتكم إياها الحياة، نحتاج إليكم في تربية أبنائنا وتعليم شبابنا، بعد أن منحكم الزمن قدراً كبيراً من العلم لا تمنحه الكتب.

وصولكم إلى ما يسمى عرفاً بسن التقاعد، ليس إعفاءً لكم من مسؤولياتكم تجاهنا وأبنائنا ووطننا، لا يمكن القبول بعزل حصيلتكم المعرفية وتقنين الاستفادة منها في أطر ضيقة. تقاعدكم عن العمل اليومي يجب ألا يكون اعتزالاً للعطاء، لأن خيرنا من طال عمره وحسن عمله، ولأن التوقف عن العطاء موت بطيء للروح والعقل، وضنّ لا يجدر بكبارنا. أنتم خيارنا وأهل الفضل والحلم فينا، وكما أن لكم حقوقاً كثيرة لدينا فمن حقنا عليكم أن تمنحوا الأجيال الشابة الفرصة للاستفادة من خبراتكم وتجاربكم والنهل من معارفكم، وأن يكون لكل طفل جد كجدّ أحمد.

مدير عام هيئة تنمية المجتمع

@KhaledAlKamda

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه.

تويتر