5 دقائق

لأن الجراح النفسية لا تندمل

خالد الكمدة

بدأنا اليوم في هيئة تنمية المجتمع رسمياً الترويج لقنواتنا المباشرة المخصصة للإبلاغ عن أي إساءة بحق طفل، حقيقية كانت أو متوقعة. أطلقنا لهذا منذ منتصف العام الماضي خطاً ساخناً وافتتحنا أخيراً مركزاً لحماية الأطفال ليضمن سرعة أكبر في الاستجابة للبلاغات.

وعلى الرغم من جميع ما نبذله وسنبذله من أجل توفير حماية كاملة لهذه الشريحة الأجدر بالأمن والأمان، تبقى الحماية في شقها الأكبر والأهم في الوقاية من أن يصل الطفل إلى مرحلة الخطر، ليس فقط لأننا نتعامل مع كتلة من روح ومشاعر إصلاح إيذائها أصعب بكثير من إعادة عمار مدينة، بل لأن ترميم الخدوش النفسية للطفل عملية معقدة ومؤلمة. رفع الأذى وإنقاذ الطفل مما يتعرض له من انتهاكات واجب إنساني وديني، وعندما يتعلق الأمر بالأطفال يجب أن نتحمل جميعاً مسؤولية كاملة في الإبلاغ عن ما شاهده أو لاحظه من إساءة أو علامات لإساءة، علينا جميعاً أن نقول «لا»، «لا» للصمت على أذى طفل، «لا» لانتهاك أي من حقوقه، «لا» لإيذائه.

«علينا جميعاً أن نقول (لا)، (لا) للصمت على أذى طفل، (لا) لانتهاك أي من حقوقه، (لا) لإيذائه».

علينا أن نبذل كأفراد وجماعات ومؤسسات، كل ما بوسعنا، لوقاية الأطفال من الأذى نفسياً وجسدياً، وأن نستشعر حجم الأذى الضخم الذي يمكن منعه ربما بإجراءات وقائية بسيطة. كما يجب أن نعمل بجد على تطوير مفهوم الوقاية الذاتية لدى الطفل ليكون قادراً على معرفة حقوقه وقدراته ورغباته.

بذل الجهود لوقاية الأطفال من الأذى والإساءة وحماية حقوقهم وأجسادهم من الانتهاك، مهمة سهلة وبسيطة إذا ما قورنت بحجم الجهد الواجب بذله لإصلاح ما تفسده الإساءة لدى الطفل وأسرته. الجراح النفسية لا تندمل وتعجز عن إزالة ندباتها يد الطبيب، ومعالجة الطفل من الصدمة والخوف، وإشعاره بالأمان وإعادة ثقته بنفسه ومن حوله، علاقته بأسرته وأصدقائه وجيرانه، وعلاقة كل منهم بالآخر مهام صعبة وشائكة.

الإساءة إلى الأطفال، إساءة إلى المجتمع، تدمير للأمل وقتل للمستقبل، ولأن آثارها أعمق بكثير مما تراه الأعين، نحن جميعاً مدعوون للوقوف يداً واحدة لوقاية كل طفل من الإساءة، كل طفل، وكل إساءة، أينما حدثت وكلما استطعنا.

مدير عام هيئة تنمية المجتمع

@KhaledAlKamda

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه.

تويتر