كل يوم

بين قمتين

سامي الريامي

تنطلق القمة الحكومية الثانية اليوم، ونحن مازلنا نحتفظ في ذاكرتنا بالنجاحات التي حققتها القمة الأولى، ففيها شحذ صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، همم جميع الموظفين والمواطنين بكلمات مليئة بالطاقة الإيجابية، دفعتهم إلى العمل والإنجاز، وفيها تحدّث سموّ الشيخ سيف بن زايد بشكل رائع عن استراتيجيات وزارة الداخلية ومقوّمات الأمن والأمان في الإمارات، كما تحدّث سموّ الشيخ منصور بن زايد بشكل مذهل عن تفاصيل دقيقة في ظواهر مختلفة، أهمها توظيف المواطنين في القطاع الخاص، ومشكلة القروض، والنتيجة الإجمالية كانت إجماعاً تاماً على أنها حدث استثنائي حقّق أعلى درجات النجاح.

نجاح القمة الأولى الفائق خلق تحدياً كبيراً أمام منظميها، ولاشك أن السؤال الذي طرحوه على أنفسهم بدءاً من ساعة اختتامها، العام الماضي، هو ما الجديد الذي يمكن إضافته في القمة الثانية بحيث تواصل نجاحها بالمستوى نفسه، إن لم يكن أكثر؟!

«القمّة الحكومية أصبحت حدثاً عالمياً قريب الشبه بمنتدى (دافوس) العالمي، إن لم تكن قد تحولت بالفعل لتصبح (دافوس) للحكومات».

ولاشك أن ذلك تحدٍّ غير عادي، لكنهم استطاعوا أن يجدوا الإجابة، على ما يبدو، وهذا ليس استعجالاً في الحكم على القمة الحكومية الثانية، بقدر ما هو استنتاج مبنيٌّ على البرنامج المعلن للقمة، ففيه وجدنا النقلة النوعية التي ستُحدث الفرق، فالقمة لن تصبح حدثاً محلياً، ولن تناقش مسائل داخلية بحتة بهدف المناقشة فقط، بل توسعت الفكرة بشكل كامل فأصبحت حدثاً عالمياً قريب الشبه بمنتدى «دافوس» العالمي، إن لم تكن القمة قد تحولت بالفعل لتصبح «دافوس» للحكومات، وهذا ما كان يفكّر فيه ويطمح إليه وزير شؤون مجلس الوزراء، محمد القرقاوي، من خلال بعض تلميحاته عقب انتهاء القمة الأولى.

إنه منتدى عالمي، فريد من نوعه، وفكرته، فلم يسبق أن نظمت حكومة منتدى تطرح فيه خدماتها، وتعرض خططها واستراتيجياتها، وتفتح أبوابها مشرعة للجمهور كي يُدلي برأيه، ويضيف أفكاره، ويعدل أو ينتقد ما يشاء، لا يحدث مثل ذلك في العالم، والعكس هو الشائع، فالحكومات تخطط وتأمر، والشعب ينفّذ ليس أكثر!

القمة الحكومية الإماراتية تحولت بالفعل إلى «دافوس حكومي» حقيقي، وسيتحدث في الجلسة الرئيسة مؤسس ورئيس المنتدى الاقتصادي العالمي «دافوس»، كلاوس شواب، كما سيتحدث في جلسة رئيسة ثانية عمدة مدينة برشلونة، ونائب عمدة لندن، ونائب عمدة سيؤول، تحت عنوان «خدمات رائدة في مدن عالمية»، لتصبح بذلك القمة الحكومية أحد أهم الأحداث هذا العام، وأهمها على الإطلاق في مجال الخدمات الحكومية.

ليس هذا هو الفرق الوحيد بين القمتين الأولى والثانية، فكما بدا واضحاً تحويل القمة من المحلية إلى العالمية في هذه الدورة، لم ينسَ المنظمون الشقّ المحلي، وعمدوا إلى تكريس وتعزيز التكامل، وتجسير الفجوة بين الحكومات المحلية والاتحادية، وهو هدف واضح يسير عليه نائب رئيس الدولة رئيس الحكومة منذ اليوم الأول لتولّيه منصبه، لذا ابتدعت القمة الحكومية هذا العام جلسات لعرض استراتيجيات بعض الحكومات المحلية، حيث سيعرض سموّ الشيخ حمدان بن محمد آل مكتوم مبادرة «حكومة دبي نحو 2021»، ويعرض سموّ الشيخ عمار بن حميد النعيمي «استراتيجية إمارة عجمان».

وبين العالمي والمحلي والاتحادي، تزخر القمة بجلسات دسمة وحيوية، جميعها مهم، وجميعها شيّق، لذلك فمن المتوقع أن تحظى بإقبال منقطع النظير، ومن المتوقع أن يحالفها النجاح للمرة الثانية، فالكتاب واضح من عنوانه!

reyami@emaratalyoum.com

twitter@samialreyami

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه.

تويتر