مزاح.. ورماح

خمس دقائق

أحمد حسن الزعبي

أمسك بـ«ريموت» التلفزيون، وخفّض الصوت قليلاً، ثم وضعه جانباً، حتى الحوار في المسلسل الصعيدي صار يزعجه، غيّر زاوية شاشة «اللاب توب» قليلاً، ضغط على بعض الأزرار «Enter».. ثم بدأ يطبع بسرعة وينتظر، ثم يطبع وينتظر.. على الكنبة المقابلة الزوجة بيدها هاتف «s4»، تطبع الحروف ببطء أحياناً وبعد أن تنتهي تحرّك بإصبعها الشاشة مرة بشكل أفقي ومرة أخرى بشكل عمودي.. على الكنبة المنفردة قرب تمثال الرجل الإفريقي العاري المصنوع من الخشب.. يحمل الفتى «بلاك بيري» يخفض صوت الفيديو الذي يشاهده.. أما الطفل الأصغر فكان يحمل «آي باد»، ويقوم هو الآخر بجولة تصفّح تكون مزعجة في كثير من الأحيان.. فتنهاه أخته الكبرى التي آثرت أن تضبط الهاتف على وضعية الرجاج.. كانوا يتواصلون بطريقة مذهلة وودودة لكن مع العالم الخارجي، بينما الاتصال على الشبكة العائلية الداخلية مقطوع تقريباً..هذا يبتسم، ذلك يغضب، الثالث ينفعل، الرابع يهدأ.. وفجأة «طااااااااع» انقطعت الكهرباء، تعطّلت الأجهزة، عمّت العتمة الغرفة، لم يعد يرى أي منهم الآخر.. صاح كريم: أين تضعون الشموع؟.. قالت زوجته: توجد واحدة في درج المطبخ، لكن نحتاج إلى ولاّعة لنصل إلى المطبخ.. أجاب سامح باندفاع: معي ولاّعة! ثم أشعلها وتوّجه نحو المطبخ! تداعى صوت فتح الدرج وقرقعة المعالق والكاسات.. ثم عاد بنصف شمعة.. أشعل رأسها وجعلها تدمع دمعتين على الطاولة الوسطى ثم ركّزها فثبتت.. نظر كريم إلى أولاده المجتمعين، فانتبه إلى جرح قطعي في وجه طفله الصغير حمودة.. سأله: من الذي فعل بك هذا؟ طأطأ حمودة رأسه، فأجابت الأم: ضربه ابن الجيران.. لكن سامح: استدّ الضربة بضربة! ثم أسهبت كيف لولا تدخّلها لأصبحت مشاجرة كبيرة.. البنت سميحة: كنت أنظر من الشباك ظهراً، وإذا بعمران ابن الجيران يضرب حمودة..

أبوسامح: كيف رأيتهما وأنتِ في الجامعة؟!

هيام: لم أذهب إلى الجامعة!

الأب: لا أفهم..

هيام: أجّلت الفصل!

الأب: منذ متى؟!

اقترب سامح من أبيه ليشرح لماذا أجلت سميحة الفصل.. اشتمّ والده رائحة فمه.. سأله أنت تدخّن؟! سامح لم يجب.. الأب: آه.. صحيح.. طبعاً تدخن وإلا كيف أتت الولاّعة إلى جيبك؟!

أم سامح: هو لا يدخن لكنه.. على ما يبدو..

كريم منفعلاً: لا تبرري.. لا تبرري لهم.. ثم أين أنت ياهانم عن تربــ.....! ثم صمت قليلاً.. صحيح متى قصصت شعرك؟!

الأم: منذ أسبوع.. ألم تره غير اليوم؟!

الأب: اليوم انتبهت..

أم سامح: لحظة.. اقترب.. وأنت متى حلقت شنبك؟!

أبوسامح: قبل عشرة أيام..!

أم سامح: نحن لا نرى بعضنا إلا في العتمة!!

أبوسامح: لو تقطع الكهرباء كل سنة خمس دقائق فقط، لنعرف أخبارنا..

وفجأة عاد التيار الكهربائي، لينقطع التيار العائلي ثانية!

ahmedalzoubi@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه.

تويتر