مزاح.. ورماح

«جاكي شان» خلف المقود

أحمد حسن الزعبي

قبل أن تتحول «التاكسي» إلى شركات ومكاتب في الإمارات، أمضيت حقبة من عمري، وتحديداً من السنة الأولى إلى السنة الثالثة «ق.ل»، أي (قبل الليسن)، وأنا أتنقل بسيارات الأجرة الخاصة، التي يملكها ويقودها الأخوة الباكستانيون، من السبخة إلى القرهود، من القرهود إلى المرقبات، من الراشدية إلى القصيص، من البراحة إلى «أبوشغارة» وبالعكس، ولأن أزمات السير خانقة، والطريق طويلة، والمكيّف لا يعمل بكفاءة، والنوافذ نصف مفتوحة، ورائحة «اللبان» تعطّر المكان، كنت أفتعل قصصاً مع السائق كي يمضي الوقت قليلاً،

* أي بلاد؟

* السائق: باكستان، معلوم انت باكستان؟

* أنا: هيه معلوم، واجد زين باكستان!

* السائق: أي بلاد أنت؟

* أنا: سوّي فكر!

* السائق: مصر؟

* أنا: لا.

* السائق: سوري؟

* أنا: لا، سوّي فكر؟

* السائق: إيراني؟ لا.. بلستيني؟ لا.. ممكن لبناني.. لا لا، تركي؟ لا لا، جوردان؟ ايوه جوردان.

اللعنة! مازالت الإشارة حمراء مع أن الوقت الذي أمضيناه معاً في «سوّي فكر» أطول من حلقة «أرب آيدول»، وللانتقام من المسافة وأزمة السير والرطوبة العالية التي تلتصق بجسدي كنت أعود وأسأله:

* أنا: كم سنة هنا؟

* السائق: 27 سنة داخل دبي! «سبحان الله كل الذين ركبت معهم أمضوا 27 سنة بالتمام والكمال!»، أنا ييجي «بتشا» زغير، بعدين صير شيبة. فنضحك معاً ضحكات باهتة من غير نفس فقط لنبلل الملل ببعض الملل. ثم يسترسل السائق: في واحد شيطان يزرب بابا مال أنا في باكستان، بمسدس بابا في موت، أنا ييجي هون. «سمعت هذه القصة من سبعين سائقاً على الأقل»!

اللعنة.. مازال أمامنا طابور طويل أمام النفق، طيب، لا بأس لو سألته لماذا قُتل والده، رحمه الله.

* أنا (باندهاش مفتعل): بابا مال انت موووت ليش؟

* السائق: أنا ما يعرف، واحد مجنون يُزرب!

ثم نواصل الطريق بعبارات مثالية وعامة، مثل: الله كريم، «قلب زين، كله زين، رزق واجد، أكل حلال، لازم إنسان سير سيدا، منّي منّي ما في زين، إلخ!».

أدفع الأجرة، وأنزل بفائض من الأخوّة وقصص الـ«آكشن».

في اليوم التالي، أستوقف تاكسي للذهاب إلى العمل، ولأن أزمات السير مازالت خانقة والطريق طويلة، والمكيّف لا يعمل بكفاءة، والنوافذ نصف مفتوحة ورائحة «اللبان» تعطّر المكان، كنت أعيد ما سألته أمس، لكن مع سائق جديد كي يمضي الوقت قليلاً.

* أنا: أي بلاد؟

* السائق: باكستان، معلوم انت باكستان؟

* أنا: هيه معلوم، واجد زين باكستان!

* السائق: أي بلاد انت؟

* أنا: سوّي فكر! ..مصر؟ أنا: لا. السائق: سوري؟ أنا: لا، سوّي فكر؟ السائق: إيراني؟ لا. بلستيني؟ لا، ممكن لبناني، لا لا. تركي؟ لا لا، جوردان، أيوه جوردان.

 هكذا ويستمر الـ«آكشن»، للسنة الثالثة «ق.ل».

ahmedalzoubi@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه.





 

تويتر