مزاح.. ورماح

مزيد من الفرح

أحمد حسن الزعبي

أحياناً نظلم أنفسنا وتاريخنا بجديّة مفتعلة، عندما نوثق عرى «الهيبة» والوقار حول الأحداث، ونلجم الفرح ليصبح مقيداً مراقباً مؤنّباً مثل طفل في حضرة شيوخ.

راقبوا احتفالات الدول العربية بـ«يوم الشجرة»، على سبيل المثال، تصطف سيارات «الفور ويل» على بعد «خطوة ونص» من العاصمة، تختار أرضاً سهلة، ذات تربة طرية، ليقوم الوزير المعني بزراعة شجرة وهو بكامل قيافته، ثم يسكب عليها بإبريق فضّي مزركش ثم ينفضّ الحفل.

هل تحتاج احتفالية بيئية طبيعية مثل يوم الشجرة؟ إلى كل هذا التعقيد والمراسيم؟ هل تقتضي زراعة غرسة زيتون طولها 12 سم أو شتلة «سرو» بحجم إصبع الخنصر، البدلة الرسمية وربطة العنق والساعة الذهبية وكاميرات التصوير وطاقم الإنتاج؟ يكفي أن يخرج المسؤول بلباس عمّال الزراعة ويقوم بواجبه الاحتفالي، ثم يقضي يومه بينهم، يتناول الإفطار ويستمع لهمومهم ويعيش تفاصيل عملهم.. لماذا نهتم بتصوير الشجرة ولا نهتم بزارعها؟

 

الأسبوع الماضي، مرت ذكرى حبيبنا ونبينا أشرف الخلق محمد، صلى الله عليه وسلم، لنستقبله بالطقوس نفسها وبالرسمية الرتيبة نفسها.. في كل التلفزيونات العربية شاهدت نفس «الكلاشيهات»، مندوباً عن «...» حضر معالي، سعادة، الاحتفال السنوي بعيد المولد النبوي الشريف وقد ألقى كلمة بهذه المناسبة عبّر فيها.. عن... ثم تعرض بعض اللقطات لكلمات يلقيها مشايخ ومسؤولون، وأحياناً تُنشَد بعض المدائح وينتهي الأمر.. طيب لمَاذا لم نشعل «قنديل» الفرح في بيوتنا؟ كم أباً احتفل مع أطفاله وعرّفهم بخلق وعِظَم رسالة نبيّهم محمد، صلى الله عليه وسلّم، ثم أكرمهم و«حلاّهم» و«فسّحهم» لترتبط ذكرى المولد بالفرح لا بالصمت والحزن والجمود؟ لماذا نضيء بطن السماء في الأعياد الأخرى، ونبخل أن نضيء قلوبنا وقلوب أولادنا بمحبة سيدنا النبي؟

ياااه ما أجمل مبادرة الرئيس الشيشاني، رمضان قديروف، عندما أعلن الأسبوع الماضي، بالتزامن مع ذكرى المولد النبوي، عن تقديم جمعية خيرية أسستها والدته، مبلغ 1000 دولار لكل عائلة تطلق على مولودها الجديد اسم «محمد»، أو أي من أسماء زوجات النبي أو أولاده أو الصحابة العشرة الكبار.. حقاً بهذا يكون التعبير عن الحب، وبهذا يكون بعض الوفاء لمن اتُّهم و تعذّب وهُجّر وشفع، للكريم الحبيب المصطفى.

املأوا قلوبكم بالمحبة، وأشعلوا سراج النور بالصلاة على «محمد».. فنحن أكثر أمة يحق لها أن تفرح وتفخر.. ففيها تمت ولادة الهدى.

ahmedalzoubi@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه.

تويتر