5 دقائق

مسجّل «مطر»

إيمان الهاشمي

من منّا لا يفرح بذلك الزائر ذي الوجه «الغائم» القادم إلينا من حضن السحاب؛ ليضيء وجوهنا بنورٍ لا لون له، ويتغلغل في صدورنا بفرحةٍ من نوع خاص جداً، كلما تتساقط قطراته الباردة على جبين أرواحنا مباشرةً من السماء قبل أن تلامس بطن الأرض، لتعزف على أوتار قلوبنا أنشودة المطر صغاراً وكباراً؟

لكن في الآونة الأخيرة، على الصعيد العالمي، لاحظنا بشكلٍ عام تغيّر مذاق المطر الشهي ورائحة العشب الندي، إلى طعمٍ غريب مملوء بملح التوتر وفلفل القلق؛ تفوح منه رائحة تنبض بعدد الجثث التي جرفها الطوفان بعد أن استسلمت للغرق في نزالٍ غير متكافئ أبداً بين الطبيعة والبشر.

لا نستطيع غض البصر عن «الاحتباس الحراري»، ومظاهر انهيار الكرة الأرضية، وظهور العديد من الظواهر أو الكوارث البيئية الجديدة التي تتنبأ بتآكل الحياة.

فحقيقة الكوارث الطبيعية لا نستطيع أن ننكرها بعد أن تعددت الوفيات ورُفعت أصابع الاتهام نحو أرحام «الأمطار» التي تكاثرت بيوضها على هيئة فيضانات وسيول جارفة كي تفقس على بعض الأسباب الأساسية لمختلف أنواع الحوادث تأكيداً لوسائل الموت المفاجع والمفاجئ!

أعتقد أننا جميعاً على يقين بأن الأمطار ليست إلاّ رحمة واسعة من رب العباد؛ وعدا ذلك فهي إما اختبار أو غضب (والله أعلم)، ولكننا في الوقت نفسه لا نستطيع غض البصر عن «الاحتباس الحراري» ومظاهر انهيار الكرة الأرضية وظهور العديد من الظواهر أو الكوارث البيئية الجديدة التي تتنبأ بتآكل الحياة، كما أنه لا يصح كتمان مخاوفنا وإن كانت بعيدة جداً عن هذا العصر.

ولذلك بدأت أنتبه إلى أن الكثيرين حولي أصبحوا يراقبون بصمت تلك «الخيوط المبللة بدموع السماء» كلما شاءت أن تخيط بِرْكة ما على رصيف الكرة الأرضية، ثم ألحظ من بات ينصت لسيمفونية ارتطام جسد المطر على جميع الأسطح من حوله، بينما تعلو أهازيج البعض، خصوصاً الأطفال، حين يرددون «طق يا مطر طق» لترقص حروفهم «رقصة الفالس» مع تأرجحات خطواته فتزيح عنّا عناء التفكير ونتمتم «الحمد لله» ثم نرفع أيدينا «بالدعاء» على أمل ألا يتحول انسيابه المبهج إلى ثورة «مجرم خطير» أو حنق «قاتل متسلسل» فنضطر آسفين إلى نشر صوره في كل مكان تحت مسمى «احذروا» أو «مسجّل خطر».

eman.alhashimi@hotmail.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر