5 دقائق

«والشر ليس إليك»

د.عبدالله الكمالي

ثبت في صحيح مسلم من حديث علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، أن النبي، صلى الله عليه وسلم، كان يقول في صلاة الليل، وذكر دعاءً طويلاً وفيه: «والخير كله في يديك والشر ليس إليك»، هذا الثناء العظيم على الله جل جلاله يدل أن تقديرات الله على عباده كلها خير ورحمة وإحسان منه، ولو تفكرنا في الحديث السابق جيداً فإننا سندرك أن في المصائب والأمراض والأسقام حِكماً عظيمة وأجوراً كبيرة لنا، فقد يُبتلى الواحد منا في هذه الدنيا بمختلف الأمور، فثق تماماً بأن في ثنايا المحن منحاً عظيمة من الله تعالى، وفي الحديث الصحيح: «ما من شيء يصيب المؤمن، حتى الشوكة تصيبه إلا كتب الله له بها حسنة أو حطت عنه بها خطيئة»، وكم كانت بعض الأمراض سبباً لاقتراب الإنسان من الله تعالى أكثر، وأحياناً قد نُبتلى بأمور، فنجد أن الله تعالى صرف عنا شروراً أكبر بهذا البلاء اليسير الذي أصابنا، فكم من إنسان كان حريصاً على السفر، فلم يدرك الرحلة في المطار، ثم بلغه أنه وقع للطائرة مكروه، وكم من إنسان فاتته صفقة معينة، فظن أنه خسر شيئاً عظيماً، ثم نظر بعد ذلك في الأمور، وعلم بأنه لو قدر الله عليه وأتم الصفقة الماضية لكانت خسارته أكبر، وكم من رجل حرص على الزواج بامرأة معينة، فلم يوفق لذلك، فتبين له بعد مدة أن غيرها أفضل منها، فهنا نعلم حقاً وصدقاً أن الله تعالى حكيم عليم لطيف بعباده، فلا تغضب لو فاتك شيء من الدنيا، ولا تحزن إذا تتابعت عليك المصائب، ولا تجعل اليأس والتفكير السلبي في قلبك، بل كن صاحب أمل وتفاؤل وحسن ظن بالله، وفي الحديث القدسي: «أنا عند ظن عبدي بي»، وشتان بين من أصيب بمصيبة فحمد الله وأثنى عليه، لأنه موقن بأن الشر ليس إلى الله، وشخص آخر ابتلي بفقد قريب أو عزيز فضرب خده وشق جيبه وفعل الأفاعيل التي لا تدل على الإيمان التام بالقضاء والقدر، لذلك حذرنا نبينا، صلى الله عليه وسلم، فقال: «ليس منا من ضرب الخدود أو شق الجيوب أو دعا بدعوى الجاهلية»، فهذه أفعال تدل على قلة الصبر، وقلة الإيمان بأن الله تعالى حكيم لا يقدّر لعبده إلا الخير، ولكن آفاتنا حقاً وصدقاً في قلة يقيننا بالله، وما أجمل الدعاء النبوي: اللهم ارزقنا من اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا.

مدير مشروع مكتوم لتحفيظ القرآن الكريم بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي

@alkamali11

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر