أبواب

أليس مونرو التي لا نعرفها

يوسف ضمرة

مثل كثير من السنوات، أطلت علينا لجنة نوبل للآداب، وفاجأتنا بمنح الجائزة للقاصة الكندية أليس مونرو. وقد اعتبر كثيرون أن هذا الفوز يشكل نوعاً من إعادة الاعتبار للقصة القصيرة، ورأى آخرون أنه انتصار للمرأة، حيث تشكل الكاتبات الفائزات بهذه الجائزة نسبة هامشية.

وأياً كانت التفسيرات، فإن فوز أليس مونرو يشكل مفاجأة من العيار الثقيل، فقد انتظر كاتب مثل ماريو بارغاس يوسا حتى أواسط السبعينات من عمره لينال الجائزة. وربما كان هارولد بنتر على حافة الحياة أو الموت حين تذكرته نوبل أيضاً، وهنالك كتاب وأدباء قضوا من دون الحصول على هذه الجائزة. وهنالك كتاب وأدباء نظنهم يستحقون الجائزة، ولكننا لا نقرأ أسماءهم حتى في الترشيحات.

غريبة هي «نوبل».. غريبة إلى درجة تجعلنا نحار في معايير الجائزة والدوافع والمؤهلات الحقيقية، أعني غير المعلنة.

لم أقرأ للكاتبة أليس مونرو من قبل، وهي لم تكن كاتبة ذائعة السمعة عالمياً كما نعرف من خلال متابعاتنا المتواضعة، لكنها في النهاية هي التي فازت بالجائزة. ويذكرني هذا الفوز بمنح نوبل للسلام للرئيس الأميركي، باراك أوباما، قبل انقضاء سنة على توليه منصبه، أي قبل أن يقوم بأي فعل يجنح بالعالم نحو السلام، إضافة إلى كونه رجلاً عادياً لم تكن له إسهامات ملموسة في العمل من أجل السلام في مكان ما على هذا الكوكب.

لم يفز أمين معلوف مثلاً، أو أومبيرتو إيكو، ولم يفز من قبلهما محمود درويش الذي نقل الشعر في العالم كله إلى منطقة لم يجرؤ شاعر عالمي آخر على تخيلها سابقاً. لم يفز عزيز نيسين التركي، أو الشاعر الكردي شيركو بيسه. لم يفز كافكا ولا رامبو ولا ياروسلاف هاشيك صاحب الرواية الفريدة «العسكري الطيب شفيك»، لم يفز ولم يفز ولم يفز... فكيف تفوز كاتبة مثل أليس مونرو إذن؟

عندما تطالع سيرة مونرو الذاتية لا تعثر على ما هو مميز في حياتها أو في أدبها، وحتى في تقرير نوبل لا نعثر إلا على مسوغات عمومية تصلح لمئات الكتاب والأدباء حول العالم.

بالضرورة ثمة أسباب لا نعرفها وراء هذا الفوز، وهي أسباب ليست بالضرورة أن تكون معلنة. فهل حقاً أرادت «نوبل» أن تنتصر للمرأة مثلاً؟ فلماذا لم تفز إيزابيل اللندي صاحبة الروايات الفريدة مثل«أفروديت»؟

قد تكون أليس مونرو كاتبة قصة جيدة، لكن هل كانت تستحق جائزة نوبل على حساب أمين معلوف أو أومبيرتو إيكو؟ نوبل في منح الجائزة ينطبق عليها مثل إفريقي شهير يقول «كمن يحفر حفرة ليغطي بترابها حفرة سابقة». أما الحديث عن الكتاب والأدباء والشعراء العرب فلا نرى أن الأمر يستحق الخوض فيه أصلاً، ليس لأن الكتاب والشعراء العرب لا يستحقون الجائزة، وإنما لأننا نعلم جيداً ما مؤهلات الكاتب العربي المرشح للفوز بهذه الجائزة. وفي نهاية المطاف ثمة اسم يخرجون به سنوياً علينا ليخبرونا أنه اسم بالغ الأهمية أدبياً، وأنه ما علينا سوى اللهاث لقراءة رواياته أو شعره أو قصصه ومسرحياته، أي إننا مضطرون ـ شئنا أم أبينا ـ لذكر هذه الأسماء بوصفها رُسل الكتابة والكلام.

damra1953@yahoo.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر